كشف مصدر في مكتب المرشد الأعلى الإيراني لـ«الجريدة»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب من علي خامنئي أن تبدي طهران موقفاً واضحاً وشفّافاً لجهة تعميق علاقتها مع روسيا بعد أن «لمس تردداً في بعض مواقفها»، بل أبدى استعداده لرفع التعاون مع الجمهورية الإسلامية إلى أعلى مستوى للوصول إلى مرتبة الحلف الاستراتيجي.في المقابل، ووفقاً للمصدر، أكد المرشد لبوتين أن المصلحة المشتركة لبلديهما هي منع تمدد حلف «الناتو» شرقاً، وأن إيران سوف تفعل كل ما بوسعها لدعم روسيا في التصدي للحلف الغربي، لكن إذا كان الرئيس الروسي يطلب اتخاذها موقفاً بالنسبة للمعركة في أوكرانيا، فلا يمكنها أن تدعمه رسمياً، لأن ذلك يتناقض مع سياساتها العامة رغم تفهمها لدوافع وأسباب قيام موسكو بشن الحرب، ملمحاً إلى أن طهران كانت تفضل أن يلجأ الكرملين لأسلوب الحرب غير المباشرة للتعامل مع كييف على غرار ما تفعله هي في العراق وسورية ولبنان.
وحسب المصدر، أبلغ بوتين خامنئي أن موسكو سحبت أرصدة هائلة من أموالها قبل بدء الحرب، وأن لديها ذخيرة استراتيجية ضخمة جداً تكفيها لمواصلة القتال 20 عاماً، ليس فقط ضد كييف بل كل «الناتو» الذي توقع أن تواجه دوله انهيارات اقتصادية خلال فترة قصيرة.وعلى ذلك، طلب سيد الكرملين من خامنئي أن يتعاون معه في «كسر شوكة الغرب»، مشدداً على أنه ما لم تقف طهران بجانب موسكو بكل ثقلها في الوقت الحالي واستطاعت الولايات المتحدة التغلب على روسيا؛ فإن دور الصين وإيران سوف يكون التالي، وهو ما أيده المرشد.وبين المصدر، أن قضية إحياء الاتفاق النووي شغلت الحيز الأكبر بالمناقشات المعمقة، التي دارت بين الجانبين، إذ اتفقا على أن «الولايات المتحدة لا تريد أن تحل الخلافات، وهي تتلاعب سياسياً بالمفاوضات غير المباشرة مع إيران، ولن ترفع العقوبات مقابل إعادة القيود على برنامج طهران الذري».
ورأى الجانبان أن واشنطن تسعى لتفاهم مؤقت يفسح المجال أمام إعادة ضخ إمدادات الطاقة الإيرانية الكبيرة لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار المحروقات عالمياً، وبمجرد أن تنتهي موجة الغلاء؛ فإنها ستعود لإعادة فرض كل العقوبات، وربما حتى تفعيلها عبر الأمم المتحدة تحت بند الفصل السابع ضد طهران، وعليه فإن على الجمهورية الإسلامية التعاون مع دول المجموعة الشرقية بشكل مكثف، وألا تعول كثيراً على رفع الدول الغربية لعقوباتها.وأوضح المصدر، أن بوتين طلب من خامنئي زيادة التعاون العسكري بين البلدين في إنتاج الأسلحة والمساعدة في التسريع في تأمين بعض الإمدادات التي يمكن أن تواجه فيها روسيا شحاً خلال الحرب، إذ أمر المرشد وزارة الدفاع بأن تتفق مع نظيرتها الروسية على تزويدها بكل احتياجاتها في مواجهة «ناتو». وذكر المصدر، أن الروس طلبوا تأمين بعض الأسلحة قصيرة المدى، التي تشتمل على صواريخ وقذائف مدفعية وطائرات دون طيار «درون»، وأجهزة تشويش وتعتيم إلكتروني لمساعدتهم.وشمل التفاهم الإيراني - الروسي، قيام طهران بتأمين منافذ بحرية لموسكو، عبر خط بندر عباس ـ سان بطرسبورغ، بهدف استغلالها في التصدير والاستيراد وللإفلات من العقوبات الغربية المتنامية عليها، علاوة على عرض خامنئي استضافة كل أنواع السفن الروسية، بما في ذلك العسكرية، ولأي مدد زمنية. وحسب المصدر، دعا بوتين خامنئي للتعامل بجدية مع الدول الخليجية بعد «مقاومتها الضغوط الأميركية» لزيادة إنتاج النفط والدخول في تحالف أمني مع إسرائيل ضد إيران.وبشأن العملية العسكرية، التي تصر تركيا على شنها بعمق 30 كلم شمالي سورية، اتفق الزعيمان على طرح مبادرة اطلق عليها اسم «الخطة ب» لإقناع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالعدول عن مساعيه الرامية لاحتلال مناطق واسعة وفرض منطقة آمنة تسمح بإعادة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين. وأبلغ الزعيمان إردوغان بأن العملية في حال حصولها يجب أن تكون سريعة وألا تشتمل على احتلال طويل الأجل، ولوّحا له بالاستعداد لدعم حكومة دمشق عسكرياً في حال وقوع صدام بينهما، وهو ما قابله الرئيس التركي بتحفّظ.