أعلنت الحكومة العراقية، أمس، الحداد على أرواح 9 ضحايا قتلوا في قصف طال منتجعاً سياحياً في دهوك بإقليم كردستان، ونُسب إلى تركيا، فيما خرجت احتجاجات غاضبة بعدة مدن عراقية ضد وجود تركيا العسكري في الشمال، وطالبت بطرد سفيرها علي كوناي من بغداد.ونظمت تظاهرة كبيرة بمحيط سفارة تركيا في منطقة الوزيرية بالعاصمة بغداد، فيما تظاهر العشرات أمام مراكز لمنح تأشيرات دخول إلى تركيا، وسط إجراءات أمنية مشددة بعدة مدن.
وعبّر المتظاهرون عن تنديدهم وغضبهم، وطالبوا بردّ كبير على الاعتداء الذي تسبب في إصابة 31 إضافة إلى القتلى. كما طالبوا بغلق السفارة التركية ومقاطعة بضائع أنقرة .وأطلق سياسيون عراقيون دعوات للضغط على الكاظمي من أجل اتخاذ مواقف أقوى ضد العاصمة التركية.وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، حيدر السلامي، أمس، إن «العراق يمتلك الكثير من خيارات الردع لإيقاف التدخل والقصف التركي، منها التبادل التجاري»، مشيراً إلى ضرورة ايجاد حل «لنشاط المعارضة التركية داخل العراق، لأنها أصبحت سبباً في قتل أبناء الشعب العراقي».وأمس الأول، ألمحت بعض الفصائل المسلحة، عبر مجموعات على مواقع التواصل، إلى نيتها قصف قاعدة زليكان العسكرية التركية في نينوى، بعد 3 أشهر من إطلاق أنقرة عملية عسكرية ضد متمردي حزب العمال الكردستاني بشمال العراق.
نقل وإثبات
ونقلت جثامين الضحايا جواً إلى بغداد عبر مطار أربيل الدولي، أمس، بمشاركة رئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، لتسليمها إلى ذويهم لتشييعها. وقال وزير الخارجية: «ذهبنا مع القادة العسكريين ومسؤولين من الإقليم وأعضاء من البرلمان إلى مكان القصف، للاطلاع على الفاجعة».وأضاف: «خلال القصف كان هناك بين 500 و600 سائح، أكثرهم من بغداد وجنوب العراق، استشهد 9 أشخاص وجرح 31».ولفت حسين إلى أنه «إذا كانت هناك مشكلة بين الحكومة التركية وحزب العمال، فيجب ألا يتم تصدير المشكلة إلى داخل العراق»، كاشفاً أن «خبراء عسكريين عراقيين أثبتوا أن هذه الضربة من الجانب التركي».رفض تركي
في المقابل، جددت السلطات التركية رفضها الاتهامات باستهداف المدنيين في كردستان، ودعوتها بغداد إلى التعاون من أجل الوصول إلى الجناة الحقيقيين. ودافع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن موقف بلاده، أمس، بالقول إن المعلومات المؤكدة تفيد بأن القوات المسلحة التركية لم تنفذ أي هجوم ضد المدنيين في محافظة دهوك العراقية.وقال أوغلو إن هناك أنباء صدرت عقب الاعتداء تتضمن اتهامات وتشويهاً ضد تركيا، وقامت وزارة الخارجية بنفيها بلغة صريحة، عبر بيان أمس الأول. وأشار إلى أن قوات بلاده تستهدف دائماً تنظيم «بي كي كي» أو ذراعه السورية «واي بي جي».وذكر أن أنقرة أعلنت استعدادها للتعاون مع السلطات العراقية بشأن الهجوم الغادر الذي تعتقد أن التنظيم الإرهابي نفذه في ظل تواصل العمليات التركية ضده منذ فترة. وأعرب الوزير التركي عن رفضه للتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تستهدف بلده قبل اتضاح حقيقة الأمر وملابساته. وأكّد أن وقوع مثل هذه الحادثة يثير التساؤل في ظل تحسُّن العلاقات التركية ـ العراقية وتحقيق نجاح في مكافحة الإرهاب. ونفى أوغلو ادعاءات اقتحام المتظاهرين مبنى السفارة التركية في بغداد، متحدثا عن قيام مجموعة بـ «تجاوز حدودها وإحراق العلم التركي المعلّق أمام مكتب مخصص لمنح التأشيرات». ولفت إلى قيام السفارة التركية بتنكيس علمها، للمشاركة في الحداد العراقي على أرواح الضحايا والمصابين.وعن الشأن السوري، قال أوغلو إن تركيا لديها اختلافات في الرأي مع روسيا وإيران هناك، ووصف دعمهما لحكومة الرئيس بشار الأسد بأنه غير صائب. وأوضح أن أنقرة علّقت عملياتها ضد «واي بي جي»، الذراع السورية لـ «بي كي كي»، شرق نهر الفرات، في إطار تعهدات قدّمتها الولايات المتحدة وروسيا، لكنها لم تتحقق.وشدد على أنه «حتى اليوم لم نأخذ الإذن من أحد لتنفيذ عملياتنا هناك، ولن نفعل، ونحن متأهبون دائماً في مكافحة الإرهاب وقد نأتي بغتة»، في إشارة إلى استعداد بلده لشن عملية عسكرية، يلوّح بها الرئيس رجب طيب إردوغان منذ شهرين، لفرض منطقة آمنة بعمق 30 كلم شمال سورية. في المقابل، نفى حزب العمال المناهض للدولة التركية، وقوفه وراء هجوم دهوك، مضيفاً «ليس لدينا قوات في المنطقة، والتلال المحيطة بالمنتجع احتلها الجيش التركي». وأضاف الحزب المتمرد: «هناك أيضا قوات حدودية عراقية وقوات مختلفة من حكومة إقليم كردستان في المنطقة، ولسنا موجودین فيها البتة».إدانة دولية
في غضون ذلك، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط،، أمس، هجوم دهوك، مؤكدا «الرفض الكامل للاعتداء التركي على السيادة العراقية، والذي يمثّل خرقا صريحا للقانون الدولي، وانتهاكا سافرا لمبادئ حسن الجوار».واعتبر أن «على أنقرة إعادة حساباتها والحفاظ على مبدأ حسن الجوار في علاقاتها مع دول المنطقة، والامتناع عن الإقدام على تنفيذ عمليات عسكرية داخل أراضي الدول العربية تحت أي ذريعة».في موازاة ذلك، دان المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، ناصر كنعاني، القصف الذي طال منتجع زاخو وأودى بحياة الأبرياء، دون الإشارة إلى تركيا. وقال إن «إيران تؤكد دعمها الثابت لاستقرار العراق، وتعتبر أن أمن العراق من أمنها». كما دعت وزارة الخارجية الألمانية إلى فتح تحقيق عاجل مع تركيا بخصوص قصف دهوك و»الاعتداء على أمن وسيادة العراق».من جانبها، دانت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، الهجوم، مؤكدة دعم بلدها لسيادة وأمن العراق.