عشية دخول الغزو الروسي للجارة أوكرانيا شهره السادس، رأى نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف، أمس، أن أوكرانيا كدولة «قد تختفي من خريطة العالم، نتيجة لكل ما يحدث».وأضاف: «بعد انقلاب عام 2014، فقدت أوكرانيا استقلالها، وأصبحت تحت السيطرة المباشرة للغرب الجماعي، واعتقدت أيضاً أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) سيضمن أمنها. ونتيجة لكل ما يحدث، قد تفقد أوكرانيا بقايا سيادة الدولة وتختفي من خريطة العالم».
من ناحيته، اعتبر رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، أمس، أن الحرب في أوكرانيا يجب أن تنتهي لتجنّب حرب نووية، متهماً الغرب بـ «التسبب» في تلك الحرب، مشيراً إلى أن «نهاية النزاع رهن بكييف، التي عليها التفاوض مع موسكو».
الوضع الميداني
على الصعيد الميداني، أكدت الاستخبارات العسكرية البريطانية، أمس، أن القوات الروسية تقترب على الأرجح من ثاني أكبر محطة كهرباء بأوكرانيا في فوهليهيرسكا، على بعد 50 كيلومتراً شمال شرق دونيتسك.وأضافت أن «روسيا تعطي الأولوية للاستيلاء على البنية التحتية الوطنية الحيوية، مثل محطات الطاقة»، معتبرة أن الاستيلاء على محطة الطاقة، وهي منشأة تعمل بالفحم تعود إلى الحقبة السوفياتية، هو في الأرجح جزء من جهود القوات الروسية لاستعادة الزخم في تقدّمها نحو مدينتَي كراماتورسك وسلوفيانسك الرئيسيتين شرق أوكرانيا.بدورها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن سلطات كييف تهدد المنشآت النووية في أوكرانيا، عبر الهجمات بطائرات مسيّرة، وهو ما قد يسبب كارثة نووية».وبينما أعلن وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، أن بلاده تخطط لإرسال العشرات من قطع المدفعية، و1600 قذيفة مضادة للدبابات، و50 ألف قذيفة مدفعية، إلى أوكرانيا في الأسابيع المقبلة، نفى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي الجنرال مارك ميلي، أمس، تدمير روسيا لأي من منظومات صواريخ هيمارس في أوكرانيا. وأضاف: «القوات الأوكرانية تستخدم هيمارس والمنظومات المماثلة بشكل فعال».يأتي ذلك ردّاً على مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية، زعمت أنه لتدمير راجمة الصواريخ الأميركية «هيمارس»، الأحدث في الترسانة العسكرية الأوكرانية.15 ألف قتيل
وفي وقت أفاد موقع بوليتيكو بأن رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أخطرت وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأن «الكونغرس» سيدرج روسيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب إذا لم تقم «الخارجية» بذلك، قال رئيس الاستخبارات الأميركية المركزية (CIA)، ويليام بيرنز، إن الولايات المتحدة تقدّر حجم الخسائر البشرية الروسية في أوكرانيا حتى الآن بنحو 15 ألف قتيل وربما 45 ألف جريح، وإن أوكرانيا تكبّدت أيضاً ما وصفه بخسائر فادحة.وأضاف خلال حضوره منتدى آسبن للأمن في ولاية كولورادو الأميركية أن «الأوكرانيين تكبدوا خسائر أيضاً، ولكن ربما أقل من ذلك».ورداّ على سؤال عن صحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسط الإشاعات الأخيرة التي تشكك في صحته، أجاب بيرنز: «هناك الكثير من الإشاعات حول صحة بوتين، وبقدر ما يمكننا أن نقول إنه يتمتع بصحة جيدة تماماً»، لافتا إلى أن هذا ليس «حكماً استخباراتياً رسمياً».في المقابل، صرّح الناطق باسم «الكرملين»، ديمتري بيسكوف، أمس، بأن حالة بوتين الصحية على ما يرام.وقال: «المتخصصون الأوكرانيون في المعلومات والأميركيون والبريطانيون، في الأشهر الأخيرة يلقون بكذب من مختلف الأنواع بشأن حالة الرئيس الصحية».وكان بوتين قد صرّح في اليوم السابق بأنه أصيب بنزلة برد خفيفة، بسبب مكيفات الهواء أثناء زيارته لطهران الثلاثاء. وأمس الأول، في منتدى «أفكار قوية لوقت جديد»، سعل بشكل دوري خلال حديثه.الغاز والعقوبات
وفي حين تتواصل المعارك العنيفة على الأرض، بدأ الغاز الروسي يتدفق إلى أوروبا عبر خط أنابيب رئيسي، أمس، بعد توقّف دام 10 أيام.وأنهى استئناف تدفق الغاز عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1» إلى ألمانيا مخاوف تصاعدت على مدى الأيام العشرة الأخيرة في أوروبا، حيث أعرب سياسيون عن قلقهم من أن روسيا قد لا تعيد تشغيل الخط، في وقت تندر فيه إمدادات الطاقة البديلة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار.وينقل خط الأنابيب في المعتاد أكثر من ثلث صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا، لكنّه يعمل الآن بنسبة 40 بالمئة فقط من طاقته، بعد أن قطعت شركة غازبروم التي يسيطر عليها «الكرملين» صادرات الغاز، بسبب أعمال إصلاح بأحد التوربينات.ورغم ذلك، أعلن وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، أمس، أن روسيا صارت شريكاً غير موثوق به بشكل متزايد في مجال الطاقة.وقال: «في الواقع، تستخدم روسيا القوة العظمى التي أعطيناها إياها لابتزاز أوروبا وألمانيا».من ناحيتها، اتهمت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، روسيا بمحاولة ابتزاز أوروبا عبر استخدام الطاقة كسلاح، وهو أمر نفته موسكو التي ليست لديها القدرة على إعادة توجيه كل صادراتها من الغاز بسرعة إلى أسواق أخرى.إلا أن بيسكوف أكد، في المقابل، أن العقوبات الغربية هي المسؤولة عن كل المشكلات التقنية المتعلقة بتوصيل الغاز الروسي إلى أوروبا.كما أعلنت فون ديرلاين، أن دول الاتحاد الأوروبي فرضت، أمس، الحزمة السابعة من العقوبات على روسيا، التي شملت واردات الذهب وتشديد الرقابة على الصادرات على بعض السلع العالية التقنية، معتبرة أن «عقوبات الاتحاد الأوروبي المعززة والممتدة ضد الكرملين ترسل إشارة قوية إلى موسكو مفادها أننا سنبقي الضغط عالياً أطول فترة ممكنة».