من صيد الخاطر: «شب عمرو عن الطوق»
![طلال عبد الكريم العرب](https://www.aljarida.com/uploads/authors/1002_1667931751.jpg)
وحصل بعد ذلك بسنوات أن كانت هناك قافلة محملة بالهدايا والتحف متوجهة للملك جذيمة، فعثر أصحابها في طريقهم على ولد تائه، وعلموا منه أنه قريب للملك جذيمة، وأنه قد ضل طريقه كل تلك المدة الطويلة، فأخذوه معهم إلى خاله، وما إن رآه الملك حتى عرفه.فرح جذيمة أيما فرح لعودة ابن اخته إليه، وبعد أن استفسر منه عن سبب غيابه الطويل، وبعد أن اطمأن عليه، أرسله إلى أمه حتى تعتني به، وبلباسه. سارعت الأم إلى العناية بولدها، وإلباسه أفخر الثياب، ثم وضعت حول رقبته طوقاً كان الملك قد ألبسه إياه عندما كان صبيا، ثم أرسلته إلى خاله الملك، فلما رأى الطوق حول رقبة عمرو الشاب اليافع، الذي كبر وشب، ولم يعد ذلك الطفل المدلل، ولم يعد ذلك الطوق يليق به كرجل، قال قولته المشهورة: «شب عمرو عن الطوق»، فذهب ما قاله مثلاً.فالزمن والتجارب بحلوهما ومرّهما هما اللذان يشكلان الشخصية البشرية ويغيرانها، ويغيران حتى الأمم والشعوب، فالأمم الحية المتعلمة الحرة عندما تشب عن الطوق ستطالب بالتنمية، وتضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، وهي التي ستطالب بوقف هدر الأموال، ومحاربة الفساد، وعقاب المفسدين، واسترجاع ما نهبوه.ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.