الحرب الروسية تمنح بايدن فرصة تعديل سياساته
اتخذت إدارة بايدن بعض الخطوات الصائبة بعد الغزو الروسي، فقدّمت دعماً عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً كبيراً إلى أوكرانيا، وقادت جهود «الناتو» لدعم كييف، ونسّقت حملة العقوبات الاقتصادية العالمية ضد روسيا، وحذرت الصين من تداعيات انتهاك العقوبات الدولية المفروضة على روسيا أو دعمها عسكرياً.
أقدمت روسيا، أكبر دولة في أوروبا، على غزو جارتها الأصغر حجماً، أوكرانيا، وسرعان ما تحوّلت هذه العملية إلى أكبر حرب في أوروبا منذ 75 سنة. تدعم الصين، أكبر دولة في آسيا، حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمناً، وتزداد عدائية مع مرور الوقت، فقد كثّفت ضغوطها العسكرية على تايوان، وقمعت هونغ كونغ بما يتعارض مع بنود المعاهدة الصينية- البريطانية عام 1984، وعمدت إلى عسكرة بحر الصين الجنوبي، وافتعلت مواجهات عدة مع القوات البحرية التابعة للدول المجاورة، وقتلت عشرين جندياً هندياً خلال اشتباكات على الحدود البرية في عام 2019.رداً على هذا الواقع الجيوسياسي الخطير في عالم يُهدّده نظامان دكتاتوريان قويان وعدائيان، بدأت دول العالم تُغيّر مساراتها السياسية لتعزيز أمنها، لذا يجب أن تفكر إدارة بايدن في خطوات سياسية جريئة أخرى لتقوية الأمن الأميركي.اتخذت إدارة بايدن بعض الخطوات الصائبة بعد الغزو الروسي، فقدّمت دعماً عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً كبيراً إلى أوكرانيا، وقادت جهود «الناتو» لدعم كييف، ونسّقت حملة العقوبات الاقتصادية العالمية ضد روسيا، وحذرت الصين من تداعيات انتهاك العقوبات الدولية المفروضة على روسيا أو دعمها عسكرياً، لكنها تستطيع أن تتخذ خطوات إضافية، وعلى غرار حكومات أخرى حول العالم، يمكنها أن تستفيد من هذه الأزمة الخطيرة لإحداث تعديلات جريئة تضمن تعزيز الأمن الأميركي.
وبدلاً من توجيه انتقادات علنية لشركاء مهمّين استراتيجياً، تستطيع الولايات المتحدة مثلاً أن تعيد إحياء مفهوم «العالم الحر» من حقبة الحرب الباردة، وهو يشير في العالم المعاصر إلى محاولات جميع الدول البقاء بمنأى عن السيطرة الصينية أو الروسية، سواء كانت تلك البلدان ديموقراطية أو لم تكن كذلك. وقد تبنّى الرؤساء الأميركيون من الحزبَين الجمهوري والديموقراطي هذا المفهوم خلال الحرب الباردة، ويُفترض أن يُستعمَل مجدداً، إذ تستطيع الولايات المتحدة أن تتابع نشر الديموقراطية بشرط أن تطبّق الدبلوماسية الهادئة.وأوضح الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية أنه يخطط للتخلي عن قطاع الوقود الأحفوري لنقل الولايات المتحدة إلى عصر الطاقة النظيفة.لكن السياسات التي تصبّ في هذه الخانة أوحت أن إدارة بايدن تكبح نمو إنتاج الغاز والنفط في الولايات المتحدة، ما أدى إلى بلوغ أسعار البنزين ذروتها ووصول التضخم الأميركي إلى أعلى مستوياته منذ أربعين سنة، حيث يواجه المستهلكون الأميركيون مشاكل كبرى، وقد يغرق الاقتصاد الأميركي في حالة من الركود. لكن هذه السياسات تطرح عدداً من الأسئلة المحيّرة: بما أن التغير المناخي ظاهرة عالمية، لماذا يُعتبر إنتاج النفط والغاز أفضل في فنزويلا أو المملكة العربية السعودية أو قطر بدلاً من الولايات المتحدة؟ وما الداعي لزيادة صفقات العمل مع الأنظمة الدكتاتورية (بما يتعارض مع «عقيدة بايدن» المعلنة) إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على زيادة إنتاج الهيدروكربونات محلياً؟ وما الذي يمنع خلق فرص عمل للأميركيين في قطاع الطاقة بدلا من تشغيل عمال أجانب؟لزيادة إنتاج النفط والغاز، يمكن تطبيق توصيات هارولد هام الرائد في مجاله، فهو يوصي بفتح عدد من الأراضي الفدرالية لتطوير الطاقة ودعم البنية التحتية في هذا القطاع، بما في ذلك بناء خطوط الأنابيب، لزيادة إمدادات الطاقة المحلية، وتعزيز قدرة البلد على التصدير إلى الحلفاء.أخيراً، يُفترض أن تشمل أي خطة أميركية في قطاع الطاقة زيادة القدرات النووية، حيث تنتج الولايات المتحدة اليوم نحو 20 في المئة من إجمالي إمداداتها انطلاقاً من الطاقة النووية. لكن هذه النسبة تبلغ 30 في المئة تقريباً في دول عدة، بما في ذلك السويد، وفنلندا، وكوريا الجنوبية، حتى انها تصل إلى 50 في المئة في بلجيكا، و70 في المئة في فرنسا.* دان نيغريا