في انتظار غودو رئيساً للوزراء
حتى الأسبوع الماضي كانت 3 دول تبحث عن رئيس وزراء، وهي سريلانكا وبريطانيا والكويت، وانضمت إليها إيطاليا أخيراً. ليس هناك شبه بين تلك الدول إلّا في عملية البحث، في إطار أزمة سياسية طاحنة، وتسعى كل دولة بطريقتها إلى حل أزمتها، أما بالنسبة إلينا فيبدو أننا لسنا مستعجلين، ولربما لا نشعر بأن هناك أزمة بالأساس.«في انتظار غودو»، مسرحية تعد من الأكثر تأثيراً في الأدب العالمي، لما يسمى بـ «مسرح العبث»، وهل هناك عبث أكثر مما نعيشه؟ حصل مؤلفها الكاتب الأيرلندي صامويل بيكيت على جائزة نوبل للآداب سنة 1969، وتأثّرت على أثرها حياته الانطوائية، حيث لم يكن راغباً في الشهرة، وظل رافضاً إجراء المقابلات الصحافية حتى وفاته في ديسمبر 1989. هي مسرحية تحكي انتظار الوهم، وتعليقاً لأمل يحسبه الظمآن ماء، وما هو إلّا سراب بقيعة.
تتناول المسرحية يومين من حياة صديقين من الفئة الرثّة، التائهة على الأرصفة، هما فلاديمير وإيستراغون، وينتظران الخلاص على يد شخص يدعى غودو، للإجابة عن أسئلتهما المبعثرة، وأثناء انتظارهما يضيعان الوقت في الكثير من المشاهد. وبدلاً من غودو، يلتقيان شخصين من طينتهما، أحدهما ولد، يجيبهما ساخراً «لن يأتي السيد غودو اليوم، لكنّه بالتأكيد سيأتي غداً». ويأتي الغد ويظل الصديقان ينتظران غودو الذي لم يظهر أبداً. وقد شاءت محاسن المصادفات أن أشاهد المسرحية حضوراً في مسرح بلندن، وبالطبع كان الأداء أكثر تأثيراً من سردها.يبدو أننا في بحثنا عن رئيس وزراء وكأننا ننتظر غودو الذي لن يأتي، فالإصلاح لن يكون برئيس وزراء فقط، ولكن بمنظومة متكاملة، فحتّى لو تم اختياره، فالأزمة قد كشّرت عن أنيابها، وهي تتجاوز البحث عن رئيس، فصعوبة الاختيار ليست إلّا نتيجة لحالة الأزمة المستفحلة في البلاد منذ زمن طويل، ولا تختلف معطيات الأزمة ومسبباتها عند الحكومة وغير الحكومة.ويبقى السؤال ليس عن الاستمرار في توضيح ما هو واضح، ولكن هو كيف وصلنا إلى هذه الحالة؟ كيف صار تولّي المنصب التنفيذي الأول أمراً مرفوضاً وطارداً، وكيف يريد منتقدو الحكومة أن يستمروا بنفس الطريقة التي تعيد إنتاج الأزمة، من دون إبداع؟بالتأكيد هناك أمل، إلّا أن الأمر يحتاج إلى مراجعة جدية وتفكير أكثر من طيّ الصفحة، والبدء بمراجعة كاملة شاملة، وإلّا فإننا سنظل ننتظر غودو على قارعة الطريق، وهو الذي لن يصل يوماً ما.