كان الملك لويس الرابع عشر، يسنّ قوانين مُفصلة وفقاً لما يريد ولم يسبقه إليها أحد، مما جعل المُثل والقيم الأخلاقية المتعارف عليها تختلف اختلافاً تاماً في عصره، حيث اشتد التنافس بين الأمراء والنبلاء والأثرياء، بل والكُهان على اللهث وراء النساء الحسناوات، لأنّ مَن لا عشيقة له في عصر ملك الشمس لا يُعدّ من الطبقة التي تحظى بالإعجاب والاحترام، وملك الشمس نفسه كان يحتل مكان الصدارة في اختيار أجمل فتيات فرنسا لتكون عشيقته الرسمية، وأغرب ما في هذا الأمر أن زوجته (الملكة) هي التي تُشرف على اختيار تلك العشيقة، وكان آخر اختياراتها له هي الماركيزة دي مونتسبان.• هذه الماركيزة تفنّن معاصروها من الأدباء والفنانين والشعراء في وصفها، حتى ليُخيل إلينا أننا نقف أمام حورية من حوريات الأساطير الخرافية الجمال، فمظهرها يأخذ الناظر إليها حتى يغيب عن الوعي، وحديثها يجلب سعادة طاغية غير معتادة لكل من يستمع إليه، فهي ذات طابعٍ خاص في كل شيء، مما يجعل الإنسان يؤمن بأنه من المُحال أن توجد امرأة أحدّ منها ذكاءً، وأرقّ منها أدباً، وأروع منها حلاوةً، فجمالها لا يحددهُ الوصف، وهندامها كجمالها... ولما طلب الملك من الرسام دي لكروا أن يرسمها، اعتذر للملك قائلاً:
- يا مولاي أخشى ما أخشاه أن ريشتي تعجز عن إيفاء هذا الجمال حقه.• وكان لها زوج يحدّث أصدقاءه عنها فيقول:إن الأضواء خطفت قلبها منهُ، ولمَ لا، وقد أعد لها ملك الشمس قصراً أبهى من قصر فرساي؟ ولم لا، وثلاث من أجمل نبيلات فرنسا يحملن ذيل ثوبها، بينما لا يحمل ثوب ملكة فرنسا غير ثلاثة من الخدم؟ولم لا، وقد مُنحَ أخوها لقب مارشال فرنسا، لكنّ زوجها هذا لمّا طالب بحصتهِ نظير دياثته، وغالى في الطلب، ألقى ملك الشمس كلمة وهو يضع يده على كتف عشيقته أمام زوجها: عندي تقارير تؤكد أن الماركيز دي مونتسبان يعاني اضطرابات عصبية، وأعتقد أنه قد حان الوقت لكي يتلقى العلاج في إحدى المصحات؟!* وما هي إلا سنوات حتى جاء الوقت لتزيح الملكة صديقتها الماركيزة عن زوجها، وتقدّم له مدام دي فانتنون كعشيقة جديدة، فهي أكثر شباباً وجمالاً وحيويةً، مما استثار أفاعي غيرة الماركيزة التي ذهبت إلى الملكة:- ما هذا الذي فعلتِه يا صاحبة الجلالة؟ - إنها في الرابعة والعشرين، وأنت تجاوزتِ الأربعين. - ألا تعلمين أن قمة جمال المرأة في الأربعين؟- جلالتهُ أخبرني أنهُ بدأ يشعر بالسأم... فلا بدّ من التغيير.• وأشيع أن الماركيزة حاولت أن تضع السمّ للعشيقة الجديدة، لكنّ المحاولة قد كُشفت، مما جعل الحكم يصدر بحقها بأن تمضي بقية حياتها في أحد الأديرة، لتستمر قوانين ملك الشمس لويس الرابع عشر، التي توارثها من بعده لويس الخامس عشر، لكنّ الثورة أطاحت لويس السادس عشر... وانتهت الملكية نهائياً في فرنسا!
أخر كلام
لأنهُ هو الدولة والدولة هو
26-07-2022