قبل 3 أشهر من انعقاد القمة العربية المرتقبة التي تستضيفها بلده في الأول من نوفمبر المقبل، رأى وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، خلال وجوده في العاصمة السورية دمشق، أمس، أن «الأجواء إيجابية جداً حول إعادة علاقة سورية بمحيطها العربي»، معرباً عن أمله أن «تلتئم الجروح العربية في أقرب وقت ممكن».

وقال لعمامرة، في مؤتمر مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد: «همنا الأساسي هو مصلحة الأمة العربية وسورية تحتل مكاناً كبيراً في قلوبنا».

Ad

وأضاف أن «الجزائر وسورية تتقاسمان أمجاداً وبطولات تاريخية، والظروف الراهنة تتطلب تكريس التشاور بين قيادتي البلدين».

ولفت لعمامرة، الذي وصل إلى دمشق أمس الأول، قادماً من بغداد، ضمن جولة تمهد للقمة العربية، إلى أنه نقل رسالة خطية من الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، إلى الرئيس السوري بشار الأسد «الذي حمّلني رداً على الرسالة»، مشيراً إلى تفاهم بين البلدين من أجل تعميق العلاقات الاقتصادية والتحضير لاجتماعات اللجنة المشتركة الكبرى.

طريقة التعامل

من جهته، قال وزير الخارجية السورية إن «الجزائر وقفت إلى جانب الشعب السوري طوال سنوات الأزمة وأدانت الإرهاب والعقوبات الغربية التي فرضت على دمشق».

وتابع: «الطريقة القديمة في التعامل تجاه الأزمات بين العرب لم تعد نافعة وهمنا الأساسي هو موقع الأمة العربية في عالم اليوم»، مضيفاً: «الهم الأساسي لسورية تعزيز التضامن العربي وتوحيد كلمتنا في مواجهة التحديات المشتركة».

ووسط ترقب لما ستسفر عنه جهود الجزائر الرامية لإقناع القوى العربية الفاعلة بإمكانية إعادة مقعد سورية بالجامعة العربية لحكومة دمشق، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأن لعمامرة سلم الأسد رسالة من الرئيس تبون تتعلق بـ«العلاقات الثنائية واستمرار التشاور والتنسيق بين البلدين إزاء التحديات التي تواجه المنطقة إضافة إلى التحضيرات الجارية لعقد القمة العربية بالجزائر». وقالت إن المباحثات بين الأسد ولعمامرة تناولت تعزيز العلاقات الأخوية بين دمشق والجزائر المبنية على المبادئ والقيم المشتركة.

وبحسب «سانا» اعتبر الأسد أن «الجامعة العربية هي مرآة الوضع العربي وأن ما يهم سورية هو صيغة ومحتوى ونتاج العمل العربي المشترك لأنها حريصة على المضمون أكثر من الشكل وهي تقدر تقديراً عالياً موقف الجزائر الداعم للحقوق السورية في كل المجالات».

أهداف واستياء

من جانب آخر، لاقت خطوة لعمامرة التي تسعى الجزائر من ورائها إلى خلق توازنات سياسية بالمنطقة بمواجهة حضور قوى إقليمية أخرى، امتعاضاً من الفصائل السورية المعارضة التي طالبت الجزائر بـ«الالتزام بمواقف جامعة الدول العربية الرافضة لإعادة التعامل مع نظام الأسد، والتطبيع معه». وأعرب رئيس «الائتلاف المعارض» سالم المسلط عن حزنه من الموقف الرسمي الجزائري في رسالة وجهها للعمامرة.

في المقابل، قال المتحدث باسم «المصالحة الوطنية» التابعة لحكومة الأسد، عمر رحمون إن «الزيارة تؤشر إلى حضور دمشق في القمة العربية، التي تلم شمل العرب»، مقللاً من شأن اعتراض أطراف عربية.

شرط روسيا

إلى ذلك، كشف مصدر مطلع في «فيلق القدس» الإيراني لـ«الجريدة» أن الاجتماع الأخير الذي عقد في دمشق الأسبوع الماضي، بين قادة القوات المسلحة الإيرانية والروسية والسورية، بحث موضوع تصاعد الضربات الإسرائيلية على مواقع تابعة للجيش السوري والقوات الموالية لإيران في البلد العربي، حيث انتقد الإيرانيون والسوريون الروس بشدة بسبب تنسيقهم مع إسرائيل.

وحسب المصدر، فإن القادة الروس أكدوا للإيرانيين أنهم مستعدون لتسليم الجيش السوري دفاعات جوية متطورة تشمل بطريات «إس 300 وإس 400» ووقف التعامل مع الإسرائيليين الأمر الذي سيحد أو حتى يمنع هجماتهم، لكن شريطة أن تقوم طهران ودمشق بإرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا تكون لديها خبرة بحروب المدن والشوارع لمساندة قوات موسكو.

وأضاف أن الروس سلموا مستندات للإيرانيين تؤكد أن مقاتلين من المعارضة الإيرانية وعناصر من «الجماعات الإرهابية السورية»، منخرطون بالفعل في ساحة المعارك بجانب الجيش الأوكراني. ووصف القادة الروس المعارك بأوكرانيا بأنها امتداد للحرب السورية والمواجهة الغربية ضد طهران ودمشق حيث تواجه موسكو نفس القوات الموجودة في سورية هناك.

وقال المصدر إن الروس طلبوا من الإيرانيين المشاركة في التحقيقات التي تجرى مع المعتقلين الأجانب بأوكرانيا بعد نقلهم إلى روسيا للمساعدة في كشف هويتهم.

وذكر المصدر، أن السوريين أوضحوا للروس أنهم بحاجة ماسة لبقاء العناصر السورية المقاتلة لصد التهديد التركي باحتلال الشمال السوري لفرض «منطقة آمنة» وأنهم لا يمكنهم الاعتماد على مجموعات موالية لطهران لتفادي إثارة مشاعر السكان العرب كما أنهم يستعدون لإرسال تلك العناصر لمساندة القوات الكردية ضد أنقرة.

وأوضح المصدر أن الإيرانيين اكتفوا بالتأكيد لموسكو على إمكانية مساهمتهم بتسهيل ارسال مقاتلين إلى أوكرانيا عبر عقود مالية للقيام بأنشطة أمنية ودون أن يكون ذلك بشكل منظم أو مباشر لأن سياسة طهران العامة تستند إلى مبدأ «عدم الدخول في هذه الحرب إلا كوسيط».

وزعم المصدر أن الروس يطلبون من الإيرانيين المساعدة في استقدام نحو 30000 عنصر أفغاني ممن خدموا بـ«لواء فاطميون» بعد تسريحهم من جبهات سورية ونقلهم إلى إيران وأفغانستان.

ولفت إلى أن طهران ترفض أن تساهم في ذلك بشكل مباشر وتعرض نقلهم عبر إعادتهم إلى دمشق أو من كابول.

طهران - فرزاد قاسمي