حرب أوكرانيا... عواقب غير مقصودة
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وبعد العمليات العسكرية مباشرة، تحدث الرئيس بايدن عن عالم متحد ضد روسيا، وتم إرسال الأسلحة والمساعدات إلى أوكرانيا، وفرضت دول «الناتو» عقوبات تتوسع باستمرار ضد روسيا، وأُريد بهذه الإجراءات الاقتصادية المعرقلة الضغط على موسكو. وكان بعض هذه الإجراءات ضرورياً، والبعض الآخر كان مسوغاً؛ لكن التدابير الاقتصادية الواسعة النطاق وجهود العزل سيكون لها عواقب مقصودة وغير مقصودة. وكان لخسارة النفط والغاز والقمح الأوكراني الذي تحتجزه روسيا تأثير مدمر على الاقتصادات والشعوب في الشرق والغرب.ونظراً لعدم قدرتها على التكيف على الفور، تمكنت روسيا من تعويض بعض خسائرها ببيع مواردها الحيوية في الأسواق الآسيوية، وبسبب القيود المفروضة على قدرة روسيا على التجارة بالدولار، طالب الروس بالدفع بالروبل، مما منح عملتهم قوة مطلوبة. وفي الوقت نفسه، يؤدي ارتفاع أسعار الوقود والقمح إلى زعزعة استقرار البلدان، الغنية منها والفقيرة على السواء. كما أن المسارعة في مسعى العثور على مصادر جديدة للنفط والغاز تؤثر بشدة على تحقيق الأهداف المناخية الحيوية. وبسبب عدم الثقة في اتساق القيادة الأميركية بعد عقدين من التحولات المذهلة في السياسة الأميركية، ترددت دول كثيرة أو رفضت تماماً الانضمام إلى جبهة موحدة لمعارضة روسيا. والضغط المتواصل من الولايات المتحدة ودبلوماسيين غربيين آخرين للانضمام إلى حملة معاقبة روسيا لقي رفضاً مهذباً من دول في أميركا اللاتينية ودول عربية وآسيوية، فهذه الدول لفتت انتباه مخاطبيها الغربيين إلى أنه يتعين عليها وضع مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية في المقام الأول، كما فعل ذلك بالضبط عدد من الدول الغربية. ووصف أحد المحللين التحالف الناشئ بين الولايات المتحدة و»الناتو» ساخراً بأنه تحالف «الغرب ضد البقية». وكلما طال أمد هذا الصراع، زاد رسوخ بعض هذه الحقائق الاقتصادية والسياسية الناشئة، وزاد الخطر المتمثل في أن يصبح العالم أكثر انقساماً في صورة حرب باردة جديدة.والعلاقات ستتوتر والاقتصادات ستعاني والعداوات ستتفاقم، وستنشأ صراعات جديدة. والآن نواجه الخيارات نفسها التي كنا نواجهها قبل خمسة أشهر، إما صب المزيد من الوقود على النار أو تعبئة الضغط الدولي للتوصل إلى حل تفاوضي. والعثور على طريق للمضي قدماً لن يكون سهلاً أو حتى مستساغاً. سيتعين تقديم تضحيات ولن يحصل أي من الجانبين على ما يريد. لكن إما هذا، أو الوقوع في شرك انزلاق مستمر نحو نظام عالمي جديد منقسم وكابوسي، وهو نظام يجب أن نسعى إلى تجنبه بأي ثمن.* رئيس المعهد الأميركي العربي - واشنطن