استبق الرئيس التونسي قيس سعيّد دخول الدستور الجديد، الذي يوسّع بشكل كبير سلطاته، حيّز التنفيذ، بالكشف عن تجهيز قانون انتخابي سيغيّر شكل الاستحقاقات القديمة.

وغداة احتفاله مع أنصاره بحصول الاستفتاء على الدستور الجديد على الموافقة بسهولة، وإن كان بنسبة مشاركة منخفضة وصلت إلى 27 بالمئة، قال سعيّد: «هناك إصلاحات كبرى لا بدّ من إدخالها على الاقتصاد والتربية وعلى مجالات أخرى، ويكفي ما عاناه الشعب على مدى عقود، وسنعمل على تحقيق مطالبه كلها».

Ad

وخلال تجواله في شارع الحبيب بورقيبة، عقب غلق مكاتب الاقتراع، أعلن سعيّد دخول تونس في «مرحلة جديدة»، معتبراً أن «التونسيين أبدعوا في توجيه درس للعالم». وأضاف: «اليوم عبرنا من ضفة اليأس والإحباط إلى ضفة الأمل والعمل، وسنحقق هذا بفضل إرادة الشعب والتشريعات التي ستوضع لخدمته».

وبعد الموافقة على الدستور، الذي عزّز صلاحياته وزاد كذلك المخاوف حيال النظام الديموقراطي، أكد سعيّد أن نسبة المشاركة «كان يمكن أن تكون أعلى لو جرت عملية التصويت على يومين».

ولاحقاً، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نسبة المشاركة في الاستفتاء تخطت 27.54 بالمئة صوّت منها نحو «نعم» بنسبة فاقت 92 بالمئة. وكان قد شارك 32 بالمئة من الناخبين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت عام 2019.

ووسط مقاطعة أحزاب المعارضة الرئيسية للدستور، الذي يُخشى أن يعيد نظام ما قبل 2011 السلطوي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أبرز أطياف المعارضة، رفضها نتائج الاستفتاء، وطالبت الرئيس سعيّد بالاستقالة والإعلان عن انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة.

وقالت الجبهة، التي تضم ائتلافاً من 5 أحزاب معارضة، أبرزها حركة النهضة الإسلامية وحركات سياسية ونشطاء مستقلين، إنها تتمسك بدستور 2014 وتعتبر الرئيس فاقداً للشرعية.

كما شككت الجبهة بنتائج الاستفتاء ومصداقية هيئة الانتخابات، مؤكدة أن سعيّد فشل في حشد التأييد الشعبي.

وأوضحت أن الأرقام المعلنة من هيئة الانتخابات لا تعكس حالة العزوف من الناخبين، وأوضحت أن 75 بالمئة رفضوا منح تزكيتهم «للانقلاب» وإضفاء الشرعية على الدستور «الاستبدادي».

وخلافاً للنظام البرلماني المعمول به منذ 2014، يمنح الدستور صلاحيات واسعة لرئيس الدولة؛ منها توليه السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه ويقيله متى شاء، والحق في حل البرلمان والمجلس الوطني للجهات.

كذلك يملك الرئيس، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صلاحيات ضبط السياسة العامة للدولة، ويحدد اختياراتها الأساسية، ولمشاريعه القانونية «أولوية النظر» بالبرلمان.

وأعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسى، أنها لن تعترف بنتائج الاستفتاء، واتهمت سعيّد بارتكاب خروقات غير مسبوقة بحق دولة القانون.

وقالت موسى، إن سعيّد «حطم كل الأرقام القياسية في خرق دولة القانون والمؤسسات ومسار مدلّس وغير قانوني، ولن يعترف به الحزب».

وأضافت موسى: «شاهدنا كل البدع وكيف تنتهك القوانين والمبادئ العامة وهرم القوانين بكل برودة دم».