مع دخول العراق أطول فترة جمود سياسي حالت دون استكمال الاستحقاقات الدستورية، اقتحم أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس المنطقة الخضراء الشديدة التحصين، ودخلوا مبنى البرلمان وسيطروا عليه، في أول وأكبر رد غاضب على قبول قادة الإطار التنسيقي الشيعي ترشيح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي للوزير السابق والقيادي بحزب الدعوة محمد السوداني لرئاسة الحكومة الجديدة.وفي حين حذر التيار الصدري من المساس بالجماهير، التي أكد أنها فوق الضغائن مهما تفرعوا، اجتمع قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآني، خلال زيارة غير معلنة أمس لبغداد، مع قادة الإطار وزعماء الفصائل الموالية لإيران لبحث تشكيل الحكومة.
وفي إطار مبارزة سياسية آخذة في التطور منذ الهجوم على المنتجع السياحي في دهوك، تخلّت تركيا عن لهجتها التصالحية، واتهمت العراق، أمس، بعدم القدرة على إدارة «معركة فعّالة» ضد التنظيمات المسلحة على أراضيه.ورغم تأكيده احترام وحدة الأراضي العراقية، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، إن «العراق لا يستطيع طرد التنظيمات المسلحة من أراضيه، وعليه نحن نفعل ذلك»، مضيفاً: «هذا هو سبب الاستفزازات ضدنا».بدوره، شدد القائم بالأعمال في الممثلية الدائمة لتركيا بالأمم المتحدة أونجو كتشلي، على أن سيادة العراق ووحدة أراضيه «تنتهكهما المنظمات الإرهابية لا تركيا».
وأكد كتشلي أن بلاده تواصلت مع بغداد وحكومة إقليم كردستان مباشرة بعد قصف المنتجع السياحي في دهوك ومقتل 9 مدنيين وإصابة 23 آخرين بجروح، وأعربت عن استعدادها لاتخاذ خطوات لكشف حقيقة الهجوم، الذي اتهمت فيه حزب العمال الكردستاني المتمرد بتنفيذه. وفي أحدث حلقات التوتر، استهدف هجوم بأربعة صواريخ محيط القنصلية التركية في منطقة الحدباء السكنية بمدينة الموصل، ليل الثلاثاء ـ الأربعاء، مسفراً عن أضرار مادية في الحي دون وقوع قتلى أو جرحى، وذلك قبل ساعات من تبني جماعة «سرايا أبابيل» غير المعروفة، استهداف قاعدة زيلكان العسكرية التركية شمال العراق بطائرة مسيّرة. ودانت وزارة الخارجية التركية الهجوم على قنصليتها، وطالبت بتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة في أقرب وقت. ودعت الوزارة العراق إلى وضع حد لوجود مسلحين على أراضيه، معتبرة أن وجودهم يشكل «تهديداً لدول الجوار والبعثات الدبلوماسية».جاء ذلك في وقت جدّد العراق تنديده، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن عُقِدت لمناقشة «العدوان على المنتجع السياحي بمحافظة دهوك»، بـ «الوجود غير الشرعي للقوات العسكرية التركية في الأراضي العراقية». وشجب وزير الخارجية فؤاد حسين «قرار البرلمان التركي في أكتوبر 2021 لتمديد تخويل وجود قواته في العراق مدة سنتين». ودعت بغداد المجلس الدولي إلى «ممارسة مسؤولياته في صيانة السلم والأمن الدوليين، من خلال إصدار قرار عاجل يُلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية المحتلة من الأراضي العراقية».