تحت عنوان «قطاع النفط الكويتي.. هل تستمر استراتيجية النمو السلبي؟»، ينتقد «مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات» تاريخا طويلا من إخفاقات القطاع في تحقيق أهداف استراتيجياته المتعاقبة، والانتقاد ليس فقط حول عدم تحقيق تلك الأهداف، بل إن ما تحقق كان عكسها.

فهدف مستوى طاقة إنتاج النفط المستهدف كان في فبراير 2003 يبلغ 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2020، مروراً بطاقة بحدود 3.5 ملايين برميل يوميا عام 2015، وما تحقق هو بلوغه 3.3 ملايين برميل يوميا عام 2010، لينخفض إلى 2.9 مليون بحلول عام 2020، أي بنقص بحدود 1.1 مليون برميل يومياً عن ذلك المستهدف.

Ad

ووفقاً «لريكونسنس»، فإنه بدلاً من مراجعة ومحاسبة المسؤول عن أسباب الإخفاق، تم القفز إلى المستقبل بإعلان استراتيجية جديدة بتكلفة فلكية، في حدود نصف تريليون دولار، وأصبح المستهدف مرة أخرى بلوغ الطاقة الإنتاجية 4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2040.

وبيّن التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات أن ما ينطبق على إخفاقات الطاقة الإنتاجية لخام البترول ينطبق على إخفاقات طاقة التكرير، فقد كان المستهدف الارتفاع بمستوى إنتاج المكررات إلى 1.4 مليون برميل يومياً، ثم زاده أحد الرؤساء التنفيذيين إلى مليونَي برميل يومياً قبل خفضه من قبل رئيس آخر إلى 1.6 مليون، وما تحقق على أرض الواقع هو انخفاض مستوى انتاج المكررات من 936 ألف برميل يومياً إلى 736 ألفا، بعد إغلاق مصفاة الشعبية عام 2020، وبلغت 800 ألف برميل يومياً في مايو 2022، بعد تشغيل مصفاة الوقود البيئي.

ليس ذلك فقط، وإنما تأخر إنجاز مشروع الوقود البيئي نحو 4 سنوات، ومثلها كانت مدة تأخير مصفاة الزور التي كان المفترض أن تنتج غاز الوقود لمحطات وزارة الكهرباء والماء، وقبل إنجازها بسبب تأخر المشروع، تغيّر الوقود المطلوب إلى الغاز المسال، ووفقاً لديوان المحاسبة بلغ فاقد الإيرادات غير المحققة 208 ملايين دولار لمشروع الوقود البيئي، وتكلفة تأخر المشروع الثاني هي 26.3 مليار دولار. وما أنجز من المستهدف لإنتاج الغاز غير المصاحب والبالغ 2100 مليون قدم مكعبة، هو فقط 490 مليون قدم مكعبة، أو نحو 23.3 بالمئة من ذلك المستهدف.

وأوضح «الشال»: لسنا بصدد نقاش ما ورد في تقرير «ريكونسنس»، فهو غني بالأرقام ونقاشه والرد عليه مسؤولية القطاع النفطي، ما يقلقنا هو أن قطاع النفط كان دائماً مكان نقد، سواء من زاوية طغيان فشل استثماراته الكبرى، أو الارتفاع غير المبرر في تكلفة الإنتاج، التي بلغت 5 أضعاف خلال 20 سنة من دون أن يلتفت أحد لإصلاحه.

وتعتمد الموازنة العامة بنحو 90 بالمئة على إيراداته، ويمول نصيب القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 70 بالمئة، ويسهم مباشرة بنحو 55 بالمئة من ذلك الناتج، أي أن مصير البلد مرتبط تماماً به، لكن كفاءته والاهتمام بإصلاحه ضعيفان جداً. ولعل أولى أولويات الإدارة الجديدة الالتفات له، لأنه يمثّل مصدر التمويل الرئيسي لبناء البلد، وربما يوازيه في الأهمية قطاع التعليم المتخلف والمرتبط بصناعة رأس المال البشري، وهو ما سنتعرض له في تقارير لاحقة.