دخل اعتصام أنصار التيار الصدري بمقر البرلمان العراقي يومه الثاني على التوالي، أمس، وسط تحذيرات من اندلاع «حرب أهلية» بسبب شل مؤسسة السلطة التشريعية، على خلفية فشل الأطراف السياسية في التوصل إلى تفاهم لتشكيل الحكومة الجديدة بعد 10 أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية.ومع تواصل «الاعتصام المفتوح» لأنصار التيار الصدري بداخل مبنى البرلمان بعد سيطرة المتظاهرين على مقره أمس الأول، حذر الأمين العام لحزب «للعراق متحدون» أسامة النجيفي، من اندلاع حرب أهلية، داعياً إلى عقد جلسة طارئة لمجلس النواب، وتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة، تفادياً لأي احتمالات تقود إلى نتائج سلبية.
وقال النجيفي، في بيان، إن «العودة للشعب تتحقق عبر عقد جلسة طارئة لمجلس النواب، مهمتها تحديداً إعادة النظر بقانون الانتخابات، وتبديل المفوضية وتحديد موعد لإجراء انتخابات مبكرة».وعززت حالة الانسداد التي وصلت لها علاقة زعيم التيار مقتدى الصدر، و»الإطار التنسيقي الشيعي» الذي يضم فصائل وأحزابا متحالفة مع إيران فرص وقوع صدام مسلح بين أتباع الجبهتين. وتحدثت مصادر في «الإطار»، أمس، عن جهود لفتح قنوات للحوار مع الصدر، للتغلب على حالة الانسداد التي أعقبت فشل الصدر وكتلته المستقيلة، 73 نائبا، في تشكيل حكومة «أغلبية وطنية» ورفضه لترشيح «الإطار» محمد شياع السوداني الموصوف بأنه ظل زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي لرئاسة الوزراء. وقالت المصادر إن آلية التواصل المعنية تكون مباشرة مع قيادات صدرية بارزة، لمناقشة مبادرات سياسية لاحتواء الأزمة الحالية، واللقاء بالصدر. وأضافت أن من يقود دفة الحوار من قبل «الإطار» كل من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي.وأشار أحد المصادر إلى أن الإطار يعمل على تحضير «تظاهرة مليونية دفاعاً عن مؤسسات الدولة»، كما أن إطلاقها من عدمه يتوقف على إجراء الحوار مع الصدر، ونتائج المبادرات.
مبادرة كردية
في هذه الأثناء، أطلق رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني «مبادرة حوار».ودعا نيجيرفان القوى السياسية إلى «القدوم لأربيل، والبدء في حوار مفتوح جامع، للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلاد». وقال بارزاني: «في الوقت الذي نحترم إرادة التظاهر السلمي للجماهير، فإننا نؤكد أهمية حماية مؤسسات الدولة وأمن وحياة وممتلكات المواطنين وموظفي الدول».أناشيد وتعزيزات
جاء ذلك في وقت أقام أنصار الصدر، مجالس عزاء حسينية بداخل مقر البرلمان، ورددوا أناشيد عاشورائية عبر مكبّرات صوت بالتزامن مع حلول أول أيام شهر المحرم الذي يحيي فيه المسلمون الشيعة ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي.ووصلت قيادات التيار الصدري إلى مبنى البرلمان لتفقد المحتجين، والتقى رئيس الكتلة البرلمانية الصدرية سابقاً، حسن العذاري، والمسؤول العام لـ»سرايا السلام»، الفصيل المسلح التابع للصدر، أبو مصطفى الحميداوي، المعتصمين، ونقلوا لهم رسالة زعيم التيار بـ»التزام سلمية التظاهر».وفي وقت سابق عززت قوات الأمن والجيش انتشارها واستنفارها وسط العاصمة بغداد بعد ليلة من الهدوء الحذر، فيما أمر رئيس حكومة تسيير الأعمال مصطفى الكاظمي بتعطيل كل المصالح الحكومية أمس. وعقب اجتماعات أمنية، وجّه الكاظمي، القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، وحماية المؤسسات الرسمية، واتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام.ردود دولية
في غضون ذلك، استمرت ردود الفعل الدولية عقب الأحداث المتسارعة التي تشهدها بغداد. وأبدى الاتحاد الأوروبي قلقه إزاء الاحتجاجات المستمرة والتصعيد المحتمل. ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس لمنع المزيد من العنف.وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي عبر «تويتر»: «ندعو القوى السياسية لحل القضايا من خلال حوار سياسي بنّاء في الإطار الدستوري. في حين أن الحق في الاحتجاج السلمي ضروري للديمقراطية، يجب احترام القوانين ومؤسسات الدولة».وذكرت السفارة الأميركية في العراق أنها تراقب «عن كثب الاضطرابات التي حصلت».وتابعت: «نضم صوتنا إلى دعوة الأطراف السياسية العراقية من مختلف الأطياف إلى الالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف وحل خلافاتهم السياسية من خلال عملية سلمية وفقا للدستور».كما أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، أن استقرار العراق هو «استقرار للمنطقة وتعزيز لأمنها».وقال عبر «تويتر»: «نتطلع إلى عراق مستقر ومزدهر وقادر على معالجة مسائله الداخلية عبر الحوار والتوافق، ليستعيد دوره الرائد والحيوي على المستويين العربي والإقليمي».استهداف التحالف
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني، أمس، باستهداف رتل دعم لوجستي تابع لـ»التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن في محافظة صلاح الدين، دون تسجيل إصابات تذكر. وتبنى فصيل يدعى «لواء ثأر المهندس»، العملية التي أدت إلى احتراق الرتل، ويعتقد أنها ضمن سلسلة الهجمات التي تشنها فصائل متحالفة مع إيران للضغط على الولايات المتحدة.