مصاحف صنعاء والمشككون بالقرآن (4)
(ملاحظات أخرى)إضافة إلى ملاحظات المستشرق بوين التي سبق ذكرها على مصاحف صنعاء، أورد باحثون آخرون فحصوا هذه المصاحف، ملاحظات أخرى، من أبرزها:1 - ما نشره موقع «مؤمنون بلا حدود» عن الباحثة الفرنسية إليونور سيلار الباحثة المتخصصة في المخطوطات القرآنية، ولها بحث بعنوان «المخطوط القرآني الأول 2017 دراسة لمصحف على الرّق من القرن الثاني الهجري».
فحصت هذه الباحثة مخطوطة مصحف صنعاء المكتوبة على «طرس»، والطرس هو الرّق الجلدي الذي مُحي ثم كتب فوقه، والجمع «أطراس»، وكان محو القديم لكتابة الجديد تقنية شائعة قديماً تسمح باستخدام الرّق المكتوب عدة مرات، كان هذا الطرس مكتوباً بخطين: الخط الجديد يغطي الخط القديم، لكن يظل الخط القديم الممسوح مرئياً، كما أن الخطين هما لمقاطع من القرآن نفسه عدد أورقه 80 ورقة، أي ليس قرآناً كاملاً، يرجع إلى القرن الأول الهجري، بفارق بضعة عقود زمنية بين الخطين.لاحظت الباحثة الفرنسية على الخط السفلي الممسوح - لا العلوي المتفق مع الرسم العثماني - تغييرات مختلفة عن الرسم العثماني، لا تتعلق بالاختلافات الإملائية فحسب، بل اختلافات أخطر- تتعلق باستعمال المرادفات لمصطلحات معينة، وحذف أخرى وإضافة أو تبديل كلمات أو مجموعات من الكلمات داخل الآية نفسها مثل: من صم أو نسك، بدلاً من «مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ»، «ولا تحلقوا»، بدلاً من «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ»، «فأعدوا» بدلاً من «فَاعْتَدُوا»، «ليحكموا بين الناس» بدلاً من «لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ»، و«البساء»، بدلاً من «الْبَأْسَاء»، «وقل ربي إني وهن العظم مني»، بدلاً من «قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي»، «ولم تك شاي» بدلاً من «وَلَمْ تَكُ شَيْئًا»... إلخ. ومع أن الباحثة ترى أن النص الممسوح قريب جداً من المصاحف المعروفة، وصيغه لا تتعارض مع المعنى المقبول، لكنها تستنتج من الاختلاف بين النصين: الممسوح والظاهر أن «احتمالية عملية نقل القرآن احترمت المعنى بأكثر من النص الحرفي». ولكن لماذا مسح النص السابق لحساب اللاحق؟ تطرح الباحثة هذا التساؤل، ولا تجزم بالإجابة، بل تتساءل: هل تراه يشهد على نسخة سابقة تم إنتاجها في محيط النبي أم أنها مخطوطة باقية من تقليد نسخ موازٍ للنص القرآني يتجرأ على نقل الكلمة المنزلة - بقصد أو بغير قصد- بطريقة أكثر حرية؟ وهل تمثل المخطوطات المحفوظة تاريخ القرآن بأكمله أم جزءاً منه فقط؟ وهل كانت توجد مصاحف أخرى غير شرعية قد تمت تنقيتها بعناية من قبل أجيال من القرّاء؟ تترك الباحثة هذه التساؤلات معلقة، وأمانتها العلمية والبحثية تمنعها من الجزم بالإجابات. 2 - ما نشره الباحث المغربي محمد المسيح، وهو عالم مخطوطات، له كتاب: مخطوطات القرآن، مدخل لدراسة المخطوطات القديمة، وتلميذ المستشرق الألماني بوين، من ملاحظة على مخطوطة طرس صنعاء بأنها قدمت قراءة مختلفة، سواء من حيث الزيادة والنقصان أو ترتيب السور أو اختلاف في المعاني عن القراءات الرسمية المعروفة، فمثلاً: جاء في سورة الحجر كلمة «القرآن» بدلاً من «الذكر» (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ). 3 – ما نشرته «شبكة الإلحاد العربي» على موقعها من قائمة باختلافات مصحف صنعاء عن المصحف الحالي نقلاً عن الباحثة الألمانية «إليزابيت بوين» زوجة المستشرق بوين التي نشرت في الفترة من 2008 إلى 2014 دراسة تحليلية للمخطوطة تحت عنوان «طرس قديم من المصحف وجد في صنعاء»، وذكرت نماذج، منها: وليقسمن بالله ما أردنا، بدلاً من «وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا» إن الله يحب المتطهرين، بدلاً من «وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ»، ومأواهم النار، بدلاً من «وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ»، وتجارة تخافون كسادها، بدلاً من «وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا»، أن يكونوا من المفلحين، بدلاً من «أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ»، من الله خير، بدلاً من «مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ»، قالوا كلمة، بدلاً من «قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ» إلخ... وأضافت أن «هناك اختلافات كثيرة لم تذكر، وهذا جزء بسيط من الاختلافات لمن يقول إنه حفظ من التغيير والتحريف». يتبع. * كاتب قطري