عن الإبادة الجماعية
![د. محمد أمين الميداني](https://www.aljarida.com/uploads/authors/368_1682431813.jpg)
ومن الضروري أن نذكر بما نصت عليه المادة الثانية من هذه الاتفاقية:«في هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية أياً من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: (أ) قتل أعضاء من الجماعة. (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة. (ج) إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً. (د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة. (هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى».وتتمثل المناسبة الثانية التي جاء فيها ذكر «الإبادة الجماعية»، ضمن الاعتذار الذي تقدم به الحبر الأعظم رئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، في أثناء الزيارة التي قام بها لكندا الأسبوع الفائت، بخصوص ما جرى في المدارس الداخلية للسكان الأصليين الكنديين واصفاً ما حدث في الفترة ما بين 1881 و1996 بـ «الإبادة الجماعية»، حيث تم فصل أكثر من 150 ألف طفل من أبناء الشعوب الأصلية في كندا خلال تلك الفترة عن عائلاتهم في مرحلة أولى، وتم إحضارهم لاحقاً إلى مدارس داخلية كندية. وكان الكثير من هؤلاء الأطفال ضحايا للتجويع والضرب والاعتداء الجنسي، والغريب أن ما حدث ليس موغلاً في التاريخ، ربما البدايات، لكن أن يكون هؤلاء الأطفال ضحايا هذه الممارسات حتى عهد قريب بتسعينيات القرن الفائت، فهذا بالفعل أمر عجيب وخطير أيضاً.لقد كانت لفتة إنسانية وتاريخية من قبل البابا الذي تحلى بالشجاعة، كعادته في العديد من المناسبات، ليقول الحقيقة ويصف واقع الأمور، فهل يتحلى قادة الدول الاستعمارية ودول أخرى بنفس الشجاعة للاعتراف بما حدث في القارة الأميركية شمالها وجنوبها في حق سكان الأصليين من مختلف الأعراق، وما حدث أيضاً في الدول الإفريقية والآسيوية التي كانت شعوبها، وفي مراحل وتواريخ مختلفة، ضحايا لجريمة «الإبادة الجماعية»؟!* أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا