في أكبر ضربة للتنظيم المتشدد منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في2011، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ليل الاثنين- الثلاثاء مقتل خليفته زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري أهم المطلوبين في العالم، والعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001.وأوضح بايدن، في خطاب تلفزيوني، أنه أعطى الضوء الأخضر لغارة عالية الدقة لطائرة مسيرة استهدفت السبت الظواهري بنجاح في العاصمة الأفغانية. وقال: «العدالة تحققت وتم القضاء على هذا الزعيم الإرهابي».
وذكّر بايدن بأن «الظواهري كان الرجل الثاني لأسامة بن لادن ونائبه، وكان متورطًا بعمق في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر، وأحد كبار المسؤولين عن الهجمات»، وآمل أن يساعد مقتله عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر على «طي الصفحة». وأضاف أن الظواهري «على مدى عقود، كان العقل المدبر وراء الهجمات ضد الأميركيين، بما في ذلك تفجير المدمرة يو اس اس كول عام 2000، الذي أسفر عن مقتل 17 بحاراً أميركياً وجرح العشرات، كما خطط لسلسلة من جرائم القتل والعنف ضد المواطنين والجنود والدبلوماسيين الأميركيين والمصالح الأميركية».وشدد على أنه «الآن، تم تحقيق العدالة ولم يعد هذا القيادي الإرهابي موجوداً. لم يعد الناس في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى الخوف من هذا القاتل الشرير». وتعهد «مواصلة إظهار عزمنا وقدرتنا على الدفاع عن الشعب الأميركي ضد أولئك الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بنا». وأضاف: «نوضح مرة أخرى أنه بغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه، وبغض النظر عن المكان الذي تختبئ فيه، إذا كنت تمثل تهديداً لشعبنا، فستجدك الولايات المتحدة وتقضي عليك».ووصف عملية الاغتيال بأنها «نجاح كبير»، قائلاً إن الاستخبارات الأميركية حددت موقع الظواهري الذي انتقل للعيش في وسط مدينة كابول «وتم التخطيط لهذه المهمة بعناية لتقليل مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين، وقبل أسبوع تم إخباري بأن الظروف مثالية، وأعطيت الموافقة للذهاب وإحضاره، وكانت المهمة ناجحة ولم يصب أي من أفراد عائلته بأذي، ولم تقع إصابات بين المدنيين».وحاول بايدن الدفاع عن الخروج الأميركي من أفغانستان. وقال: «لقد اتخذت القرار بعد 20 عاماً من الحرب بإنهاء المهمة العسكرية، وقطعت وعداً للشعب الأميركي لحماية أميركا من الإرهابيين، ومواصلة مكافحة الإرهاب في أفغانستان وخارجها، وهذا ما فعلناه... ولن نسمح لأفغانستان بأن تصبح ملاذاً آمناً للإرهابيين مرة أخرى».
CIA
ووفق المسؤولين الأميركيون، فإن الظواهري، المتواري منذ أكثر من 10 سنوات، وخصصت واشنطن مكافأة 25 مليون دولار لأي معلومات تسمح بتحديد مكان، قتلته طائرة مُسيرة تابعة للمخابرات المركزية CIA.وقال مسؤول رفيع المستوى بالإدارة الأميركية إن الظواهري كان على شرفة منزله في كابول عندما استهدف بصاروخين من طراز «هلفاير»، بعد ساعة من شروق الشمس في 31 يوليو.وأوضح المسؤول أن العملية لم تستدع انتشاراً عسكرياً على الأرض في دليل على قدرة الولايات المتحدة «على رصد أماكن تواجد أكبر الإرهابيين في العالم واتخاذ الإجراءات للقضاء عليهم». وأضاف: «ليس لدينا علم إن كان غادر المنزل الآمن يوماً. رصدنا الظواهري في مناسبات عدة ولفترات طويلة من الوقت على الشرفة حيث تم استهدافه في النهاية».وقال وزير الخارجية آنتوني بلينكن إن «طالبان بإيوائها الظواهري انتهكت بشكل فاضح اتفاق الدوحة، وفي مواجهة عدم رغبتها أو عدم قدرتها على التقيد بالتزاماتها، سنواصل دعم الشعب الأفغاني بمساعدات إنسانية قوية والدعوة لحماية حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات».ترحيب دولي
ورحبت «الخارجية» السعودية، في بيان بمقتل الظواهري ووصفته بأنه من «قيادات الإرهاب التي تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة في المملكة والولايات المتحدة وعدد من دول العالم الأخرى» أدت الى مقتل «الآلاف من الأبرياء من مختلف الجنسيات والأديان بمن فيهم سعوديون». واعتبر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو «مقتل الظواهري خطوة نحو عالم أكثر أمانا». وقال: «سنواصل العمل مع شركائنا في العالم لمواجهة التهديدات الإرهابية، وتعزيز السلام والأمن، والحفاظ على سلامة الناس هنا في الوطن وفي جميع أنحاء العالم».أما الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فكتب على «تويتر»: «أخبار الليلة هي أيضا دليل على أنه من الممكن استئصال الإرهاب دون الدخول في حرب في أفغانستان. آمل أن توفر قدرا ضئيلا من السلام لعائلات (ضحايا هجمات) 11 سبتمبر ولكل شخص آخر عانى على أيدي القاعدة».موقف «طالبان»
ونفت «الداخلية» الأفغانية صباح السبت غارة الطائرة المسيرة في كابول، وقالت إن صاروخا أصاب «منزلا خاليا» ولم يسفر عن وقوع إصابات. وفي وقت مبكر، اليوم، غرد المتحدث باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد عن «هجوم جوي استهدف منزلا في حي شربور، ولم يتم الكشف عن طبيعة الحادث في البداية. ولاحقاً أجهزة الأمن والاستخبارات في الإمارة الإسلامية حققت في الحادث وتوصلت الى أن الهجوم نفذته طائرات مسيّرة أميركية».واتهمت حركة «طالبان»، التي حاربت القوات الغربية على مدى العقدين الماضيين، الولايات المتحدة بانتهاك اتفاقات الدوحة أيضا بشنها ضربة على أراضيها.وبموجب «اتفاق الدوحة»، تعهدت «طالبان» بعدم السماح باستخدام أفغانستان مرة أخرى نقطة انطلاق للارهابيين، لكن خبراء يعتقدون أنها لم تقطع علاقاتها مع القاعدة.الزعامة قد تنتقل إلى سيف العدل بإيران
بعد ساعات من إعلان مقتل زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري، بدأت التساؤلات تتصاعد حول خليفته المحتمل، وتحديدا الرجل الثاني الموجود في إيران، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.وقالت مصادر أميركية، لشبكة CNN، إنه من المتوقع أن تنتقل زعامة التنظيم إلى الرجل الثاني في «القاعدة»، محمد صلاح الدين زيدان، الملقب بـ «سيف العدل»، والذي تصدّر اسمه قائمة المرشحين لخلافة الظواهري.وأفاد مصدر أميركي مسؤول، لـCNN، بأن مقتل الظواهري «أثار قضية ملحة بالنسبة للإيرانيين، الذين يتعين عليهم الآن الاختيار بين طرد زعيم القاعدة الجديد أو إيوائه»، بينما ذكر مسؤول سابق في الحكومة الأفغانية، يتمتع بإلمام وثيق بمكافحة الإرهاب، أنه سمع أن سيف العدل قد غادر إيران بالفعل إلى أفغانستان.وكان زيدان، وفق المعلومات المتوافرة عنه، ضابطا في القوات الخاصة المصرية، وانضم في الثمانينيات إلى جماعة الجهاد المصرية، وقبض عليه في مايو 1987 بقضية «إعادة إحياء تنظيم الجهاد» لمحاولة قلب نظام الحكم في مصر، وفي عام 1989 هرب إلى السودان، ومنه إلى أفغانستان، ليقرر الانضمام إلى تنظيم القاعدة.