الغزو العراقي ذكرى بطولات المتطوعين في الداخل
هذا تاريخ مهيب يجب أن يدرس، وعودة الكويت إلى أهلها نعمة عظيمة يجب أن تذكر، وتلك الأيام باقية في قلوبنا وعقولنا، ولا يجوز إغفالها أو تجاهلها، وإذا لم نحافظ على هذا التاريخ لأجيالنا اللاحقة ولم نورث هذه الأعمال الجليلة لأبنائنا فماذا عسانا أن نحدثهم عن تاريخ الكويت؟!
1990 والكويت تحت الاحتلال العراقي الغادر برز العمل التطوعي للصامدين في الداخل، فكان أحد أعظم مكاسب الوطن من تلك الكارثة البغيضة، فما قام به أبناء وبنات الكويت من توحد وبذل وعطاء وإيثار ومقاومة وتحدٍّ للاحتلال يستحق أن تدون له الموسوعات وتوثق به السجلات ويدرس للناشئة، ليسمعوا قصصاً هي أقرب من قصص ألف ليلة وليلة في الفداء والتضحية والشهامة و»المرجلة» قام بها شباب وشابات ورجال ونساء آمنوا بأن الحق معهم وأن الباطل تحتهم وأن الله سبحانه ناصرهم، وتُذكرنا بما فعله الآباء والأجداد لحماية وطنهم الغالي ببناء الأسوار الثلاثة.ليس السؤال ماذا فعل المتطوعون والمخلصون في ليالي الغزو الأسود؟ بل السؤال هو ما الذي لم يفعلوه ويبذلوه لمواجهة الاحتلال البغيض، فبداية من استنهاض دور المساجد بما احتوته من أمان وطمأنينة لتجمع شمل الأهالي وتبادل أخبارهم وشحذ هممهم، إلى إدارة الجمعيات التعاونية والأسواق الشعبية الداخلية لإمداد الصامدين بما يكفيهم من المواد والمؤن والأغذية لإطالة أمد مواجهتهم البغاة، وتشغيل المستوصفات والمستشفيات وحتى العيادات المنزلية السرية لعلاج المرضى والمحتاجين والمصابين أيضاً من الاعتداءات الوحشية لقوات الاحتلال، وإدارة وتشغيل مؤسسة المطاحن لتكون الرافد الرئيسي للقوت اليومي أيام الاحتلال، وإدارة وتشغيل محطات الوقود رغم قرارات الاحتلال بالتضييق على بيعه، وتنظيف المناطق والشوارع وإزالة المخلفات والقمامة بآليات ومعدات شركات النظافة حفاظاً على سلامة الأجواء العامة ومنعاً لتفشي الأمراض «فيكفي البلد فيروسات وجراثيم الجيش العراقي المحتل»، إلى جانب تشغيل محطات المياه والكهرباء في أحلك الظروف وتحت تعسف الجيش العراقي الباغي الذي لم يتوان بجهله وقراراته الغبية في تفخيخ تلك المحطات وتلغيمها استعداداً لتفجيرها كما فعل في آبار النفط ولكن خابت مساعيه بفضل الله ولطفه، فضلاً عن العصيان المدني الشامل ورفض قرارات سلطة الاحتلال الإدارية... كل هذه الأعمال اليومية تمت من أبناء وبنات هذا البلد الصامدين، وساعدهم أيضاً مجموعة من المخلصين من الوافدين في جميع المواقع، هذا بخلاف اللجان السرية وبطولات المقاومة والأعمال العسكرية والتواصل مع القيادة في الخارج، فتلك قصص أخرى ستظل مفخرة في تاريخ الكويت الحديث.
نعيد ونكرر ما نقوله دائماً بأن هذا تاريخ مهيب يجب أن يدرس، وعودة الكويت إلى أهلها نعمة عظيمة يجب أن تذكر، وتلك الأيام باقية في قلوبنا وعقولنا، ولا يجوز إغفالها أو تجاهلها، وإذا لم نحافظ على هذا التاريخ لأجيالنا اللاحقة ولم نورث هذه الأعمال الجليلة لأبنائنا فماذا عسانا أن نحدثهم عن تاريخ الكويت؟ رحم الله شهداءنا الأبرار، والحمد لله على نعمة التحرير.