الله يهديكِ يا نانسي
الله يهدي نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي والمتحدثة باسمه، وليست نانسي عجرم، ليتها أجّلت زيارتها لتايوان لما بعد نتائج انتخابات مجلس الأمة القادم، وبعد أن تحلف التشكيلة الجديدة «القديمة» ـ لا فرق - اليمين الدستورية، فمَن يدري، فقد نغيّر هنا بمجلسنا بتشاورياته وفرعياته ونواب وساطاته حركة السياسة الدولية، بالتعاون مع الحكومة الجديدة، وتخفف دولتنا من الاحتقان العالمي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة، وهما أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم تقريباً؟العالم يحبس أنفاسه بسبب هذه الزيارة التاريخية التي اعتبرتها الصين تحرّشاً بها وتحدياً لسيادتها، وقال القائد الصيني تشي للرئيس بايدن: مَن يلعب بالنار فستحرقه، بالرغم من أن الأخير لم يكن مشجعاً تماماً لمثل هذه الزيارة.الجرائد الأميركية والغربية القوية كلها انتقدت الزيارة، ووصفتها بأنها غير حصيفة، وكتب توماس فريدمان (نيويورك تايمز) أن زيارة بيلوسي لن تقدّم شيئاً يستحق ذكره، فتايوان لن تكون أكثر أمناً مما هي عليه الآن، ولن تكون أكثر تقدّماً من حالها اليوم، فمثل هذه الزيارة ستسكب الملح على جروح علاقات العملاقين، وقد تصطف الصين تماماً مع روسيا في حربها على أوكرانيا، وتزوّدها بالأسلحة، وأهمها طائرات الدرون.
أيضا الـ «إيكونومست» الإنكليزية انتقدت استراتيجية بايدن، ووبّخت نانسي، قائلة لها: ليس هذا وقت المبادئ والمثاليات، فالرئيس الصيني تشي يواجه تحدياً داخلياً صعباً في مؤتمر الحزب الشيوعي كي يفوز بالانتخابات لفترة ثالثة، وهو الذي كان متشدداً في مسألة القومية ووحدة الصين. «واشنطن بوست» كذلك كتبت افتتاحية نقد مُرّة ضد الزيارة، ووصفتها بأنها تمت في الوقت غير المناسب، لكن هذه الجريدة نشرت أيضاً مقالاً لبيلوسي تفسّر فيه أسباب زيارتها، فقد وصفت تايوان بأنها محور تقدّم للحريات في آسيا، وهي منبع تكنولوجيا صناعة رقائق الكمبيوتر، بينما الصين الكبيرة سجلّها سيئ في حقوق الإنسان؛ من وضع سكان هضبة التبت إلى مسلمي الإيغور وقمع سكان هونغ كونغ. الغريب أن الـ «بوست» التي ترفع شعار «الديموقراطية تموت في الظلام» لم تقل إن مقالة بيلوسي ضد سياسة الجريدة وتتعرّض لمصالح ملّاكها، وامتنعت عن نشرها.ليت صحافتهم تتعلم من الصحافة الكويتية أصول المهنة، وليت ساستنا يوصون القادة الأميركان بأن زيارة جزيرتَي أم النمل وأم المرادم أولَى من زيارة تايوان، أو على الأقل، لماذا لا ندعوهم - أي الأميركان - لزيارة جزيرة بوبيان، فجسر جابر سيوصلهم إلى مدينة الأحلام؟!