كتبت مقالة في جريدة «القبس» الغراء يوم 17/6/2011، تحت عنوان «نكبة البرامكة»، ولا بأس من إعادة الكتابة حول هذا الموضوع، مع إضافات لابد منها.فكثيراً من الناس سمعوا بنكبة البرامكة، فما حكاية هذه الأسرة المجوسية الأصل؟ ولماذا فعل بها العباسيون ما فعلوا؟ وهل كانت هناك مؤامرة منها كادت تودي بدولتهم؟ فقضي عليها بعد أن استفحل نفوذها وتغلغل؟ فأتباعهم تحولوا إلى كبار قوم ووجهاء مجالس، وأصحاب سلطة، وملكوا المزارع والقصور، مما أشعر الخليفة بأنه لا يملك من الخلافة إلا الاسم.
فبعد تعاظم نفوذ البرامكة، واحتصدام الصراع على السلطة داخل البيت العباسي، استطاع معارضوهم إقناع هارون الرشيد بخطرهم، بعد أن أثبتوا له عجزه أمام استبدادهم بالأمر من دونه، فقرر الرشيد الخلاص منهم، والقضاء على نفوذهم، واسترجاع ما نهبوه.لم يكن التخلص من البرامكة بالأمر الهين، فقد تغلغلوا في كل أمور الدولة ومفاصلها، ص لهم كثير من الأنصار والأعوان، فاتّبع الرشيد سياسة الكتمان، واستخدم عنصر المفاجأة، وفي ليلة 29 يناير 803م، أمر رجاله بالقبض على كل البرامكة وأنصارهم، وأعلن أنه لا أمان لمن آواهم، وعلى الفور قام بمصادرة أموالهم ودورهم وضياعهم، وفي سويعات قليلة تبددت سطوة تلك الأسرة التي انتهت إليها مقاليد الحكم وأمور الخلافة لفترة طويلة من الزمان، فكانت النهاية المأساوية، التي اصطُلح على تسميتها في التاريخ بــ «نكبة البرامكة».وما حصل ولا يزال يحصل في الكويت من حملة وطنية إصلاحية مباركة بقيادة ولي الأمر هدفها المأمول القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين المفسدين، واسترجاع ما نهبوه من أموال البلد، بعد أن تطاول الحفاة العراة في البنيان، وتحولوا من لا شيء إلى أصحاب ملايين وملاّك عقار، وتغلغلوا في مفاصل الدولة على حساب المواطنين الشرفاء، وتحولوا إلى وجهاء وكبار قوم، وسطوا بالتزوير على حقوق المستحقين في السكن والتوظيف والترقيات، وتلك الحملة الوطنية إن تمت فستشبه إلى حد بعيد ثورة إصلاحية ضد برامكة العصر.فعسى أن يكره برامكة العصر شيئاً وهو خير لبلدنا، فلتكن نكبة حقيقية تجتث من العِرقْ كل من تسبب في هذا الفساد المدمّر لأي أمة مهما كان غناها وقوتها وولاؤها لولي أمرها.
اضافات
من صيد الخاطر: نكبة برامكة العصر
05-08-2022