مذكرات موظف
![د. محمد عبدالرحمن العقيل](https://www.aljarida.com/uploads/authors/370_1703009974.jpg)
كان العمل شكلياً لا وزن له، ويكفي تفويض موظف أو موظفين للقيام بهذه الأعمال الشكلية، التي تعطي ترجمة لاسم المكان فقط... يقول: بدأ مؤشر عداد البؤس يرتفع من أول لحظة.قلّ شعوري بتحمل المسؤولية، قلّ شعوري بالانتماء، لم أعد اهتم بتطوير المهارات، تشوهت الصورة الجميلة لحب العمل، تشتتت الهوية الوظيفية، ضاع الاعتزاز بالتخصص، بدأ الانغماس في البيروقراطية، بدأ التعود لنظرة المديرين الدونية لنا، بدأ الاختلاط بالمحبطين وقليلي الهمة، بدأ الكسل والاسترخاء على المكتب، «مينيو» الطعام بين أيدينا، بدأ السماع للسخافات، بدأ الإصغاء لها، بدأ الحديث عنها، ثم بدأ الاستمتاع بها، ثم بدأ الدفاع عنها! لاتزال المعاملات ورقية بطيئة، ١٩٥٠ مثل ٢٠٢٢، لا توجد خطة عمل! مدير يكذب... نائب يغش... وكيل يسرق، والموظف يتفرج... خذوا منه السُّلطة وأعطوه «منيو» السَّلطة، يا إلهي... كيف أخلص لهذا المكان! كيف أعمل... أو كيف استمر؟للأسف؛ هذا هو الحال في بعض الإدارات الحكومية، فلذلك أنصح أبناءنا حديثي التخرج بالابتعاد عن الوظائف الحكومية المكتبية، التي تقيد حريتنا وتدفن إبداعاتنا... والتوجه للتجارة والأعمال الحرة، «إذا وجد أي منهم نفسه فيها»، أو الحرف اليدوية (لأصحاب المهارات)، واسألوا عن حلاوتها عند أهل الاختصاص، فهي من أطيب الكسب، وهي متعة من متع الحياة، والكنز المدفون داخل كل مبدع، و هي المصنع الذاتي الذي لا ينضب. فهي إبداعاتنا الشخصية التي نتلذذ بتطويرها يوميا.أعزائي القراء، كانت هذه نصيحتي بعجالة لحضراتكم بشكل لطيف وخفيف... وأما نصيحة «هتلر» للموظفين فقد ذكرها في كتابه «كفاحي»، بكل صراحة، يقول: «لن أستطيع الوصول للراحة النفسية في أي وظيفة حكومية... سأكون رساماً، ولن تقدر أي قوة في العالم على جعلي موظفاً».