الصدر يُربك «الإطار»... ومشروعه يصطدم بعقدة التنفيذ
المالكي يتجاهل اتهامه بالاغتيال ويشترط عودة المؤسسات... والعبادي والعامري مع مشروع «التيار»
قسمت دعوة زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الذي يعتصم الآلاف من أنصاره لليوم السابع على التوالي في المنطقة الخضراء، لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، خصومَه بـ «الإطار التنسيقي»، في حين تحدّث خبراء عن عوائق دستورية لا يمكن تجاوزها لتنفيذ خطوة الصدر، إلا عبر حلّ المجلس نفسه الخاضع لسيطرة خصومه.
أضفت دعوة زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر، التي أطلقها أمس الأول، لحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، مزيداً من التعقيد على الأزمة السياسية المحتدمة في بغداد، في وقت يدخل اعتصام أنصاره بمقر السلطة التشريعية، الخاضعة لسيطرة خصومه في «الإطار التنسيقي الشيعي»، يومه السابع على التوالي.وغداة إطلاق الصدر مطالبه التي تضمنت تأكيد استمرار «الحراك الشعبي» لإدامة زخم الاعتصام بالبرلمان حتى تحقيق «المطالب الإصلاحية»، ورفضه دعوات الدخول في حوار من أجل التوصل إلى تفاهم، تباينت ردود فعل قادة «الإطار» الذي يضم فصائل وأحزاباً متحالفة مع إيران، وبدا عليها الارتباك وعدم التنسيق، في حين أكد قانونيون أن دعوة الصدر تتطلب حل البرلمان نفسه ودعوة رئيس الجمهورية إلى الانتخابات.وفي مؤشر على خلافات حادة تعصف بالتحالف، أعلن زعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي رفضه دعوة الصدر. وقال المالكي عبر «تويتر» عقب انتهاء الصدر من خطابه: «الحوارات الجادة التي نأمل منها حسم الخلافات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، تبدأ بالعودة إلى الدستور واحترام المؤسسات الدستورية».
وفي وقت تجاهل المالكي اتهام الصدر الضّمني له، خلال خطابه، بأنه حاول قتله بحسب التسريبات المنسوبة للأول، رأت مصادر في حزب الدعوة أن تعليق الأول لا يعني بالضرورة رفضه دعوته لحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لكن بشروط.كما اعتبر عضو «ائتلاف دولة القانون»، أحمد السوداني، أن خطاب الصدر، هدفه «خلق أزمة» والإبقاء على رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
العامري والعبادي
إلا أن موقف المالكي لم يمثّل جميع قيادات «الإطار» الذي يتزعمه، إذ عبّر رئيس «تحالف الفتح» (الجناح السياسي لـ «الحشد الشعبي»)، هادي العامري، عن تأييده لدعوة الصدر.وقال في بيان: «نؤيد إجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر، لا سيما أن الانتخابات السابقة شابها الكثير من الشبهات والاعتراضات».وأضاف أن «هذا يتطلب حواراً وطنياً شاملاً من أجل تحديد موعد وآليات ومتطلبات إجرائها، وتوفير المناخات المناسبة لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية». كما عبّر رئيس «تحالف النصر»، حيدر العبادي، عن ترحيبه بدعوة الصدر، وقال في تغريدة: «أرحب بما جاء في خطاب الصدر، وهو ما يلتقي من جوانب عدة مع مبادرتنا لحل الأزمة. أُحيي خطواته وجميع الإخوة لحفظ الدم وتحقيق الإصلاح»، داعياً الجميع إلى «التكاتف خدمة للشعب وإصلاح النظام وتدعيم الدولة الدستورية، ومن خلال عملية ديموقراطية سليمة وسلمية».سيناريوهان للحل
وطرح عضو «تيار الحكمة»، رحيم العبودي، سيناريوهين لحل الأزمة السياسية الحالية بعد خطاب الصدر. وقال العبودي إن «ما طرحه الصدر هو خريطة طريق جديدة بعكس ما كنا ننظر له في سابق الأيام، والجنوح إلى التهدئة والحوار، وأن تكون هنالك رؤية موحدة لانتخابات مبكرة وحل البرلمان الحالي». وأوضح أن «هذه هي من الأمور التي كان الإطار التنسيقي يبحث عنها سابقاً، وهي من الحلول الواقعية التي يمكن أن تشهدها الساحة السياسية بسيناريوهين، إما إبقاء الحكومة الحالية وإعطاؤها مدة سنة بعد إعادة تدويرها تحت قبة البرلمان، أو أن نمضي بمرشح الإطار التنسيقي مدة سنة أو أكثر حسب الظروف السياسية، وأن تكون هنالك كابينة جديدة وقرارات سياسية جديدة تهم مصالح الشعب بأكثر من الشارع السياسي».غموض وعراقيل
ولا يزال من غير المعروف كيف يخطط الصدر لإقامة انتخابات مبكرة، حيث تحتاج، وفقاً لقانونيين إلى أن «يحلّ البرلمان نفسه»، ويدعو رئيس الجمهورية إلى الانتخابات.ويقول الخبير في الشؤون القانونية، علي التميمي، إن طلب حل مجلس النواب يجب أن يقدم تحريرياً من 110 نواب، ثلث أعضاء المجلس، إلى رئاسته، أو يكون بطلب من رئيس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ومن ثم يطرح الطلبان للتصويت، ويشترط في هذا «موافقة أغلبية الأعضاء».ويضيف التميمي أن خيار تقديم رئيس الوزراء الطلب «مُستثنى»، لأن الحكومة الحالية هي «حكومة تصريف أمور يومية لم تأت من مجلس النواب الحالي، لا هي ولا رئيس الجمهورية الحالي، وبالتالي لا يحق لا لرئيس مجلس الوزراء ولا لرئيس الجمهورية تقديم الطلب المشترك». ويبقى - وفق التميمي - خيار أن يحل البرلمان نفسه، وهو ما يتطلب التوصل إلى تفاهم مع قادة «الإطار» الذي يملك الأغلبية البرلمانية حالياً.وكانت مصادر سياسية قد قالت في وقت سابق إن بعضاً من قيادات «الإطار التنسيقي» تتواصل مع قيادات التيار، وإنها تسعى للتهدئة، وإن هناك إمكانية بانسحابها من «الإطار» الذي تضاءلت فرصه لتصدّر المشهد العراقي وتشكيل الحكومة، بعد أقل من عام على إجراء انتخابات فاز بها التيار الصدري بأكثر عدد من المقاعد البرلمانية، قبل أن يستقيل نوابه احتجاجاً على عدم السماح لهم بـ «ترشيح رئيس جديد للوزراء».«الاتحادية» وكردستان
على صعيد منفصل، ردت المحكمة الاتحادية العليا دعوى ضد كيان إقليم كردستان، أقيم بذريعة كونه كياناً «غير دستوري»، وذلك لأن الدعوى لم تستوفِ «شرط المصلحة».الدعوى رفعها النائب المستقل في مجلس النواب، علي شداد، وقد عقدت المحكمة الاتحادية العليا جلستها للنظر فيها يوم أمس الأول، وقررت ردها. من جهة أخرى، أعلنت هيئة الحشد الشعبي انطلاق عملية أمنية في محيط مدينة أمرلي 180 كم شمال بغداد، لملاحقة عناصر «داعش».
المحكمة الاتحادية ترد دعوى كيان كردستان... و«الحشد» يطلق عملية في «أمرلي»