فيكتور أوربان... صوت بوتين داخل الاتحاد الأوروبي
يتساءل قادة الاتحاد الأوروبي ومحللو السياسة الخارجية عن السبب الكامن وراء ولاء بودابست للكرملين، والذي يبلغ حد الهوس، مع أن القذائف الروسية لا تزال تتابع استهداف المدنيين الأوكرانيين!
عندما استعمل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، كلاماً عنصرياً خلال خطاب سنوي أمام المجريين العرقيين في رومانيا، في 23 يوليو الماضي، قال إن مناصريه «لا يريدون أن يصبحوا شعباً مختلط الأعراق»، فارتعب المجتمع الدولي من الكلام اللاذع الذي ألقاه زعيم بلدٍ منتسب إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.لكنّ أكثر ما يثير القلق في الأيام الأخيرة هو إصرار المجر على الخضوع لموسكو، وفي الأسبوع الماضي، وافق 27 عضواً في الاتحاد الأوروبي على تخفيض استعمال الغاز طوعاً بنسبة 15%، لكن كان أوربان المعارض الوحيد لهذا القرار طبعاً، فاعتبره «خطوة أخرى لإنشاء اقتصاد حربي».أمام هذا الوضع، يتساءل قادة الاتحاد الأوروبي ومحللو السياسة الخارجية مجدداً عن السبب الكامن وراء ولاء بودابست شبه الهوسي للكرملين، مع أن القذائف الروسية تتابع استهداف المدنيين الأوكرانيين.
يقول أندراس راكز من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: «ترتكز سياسة المجر تجاه روسيا على دوافع موضوعية وذاتية في آن، تحمل الدوافع الموضوعية أكبر أهمية، لاسيما تلك المرتبطة بالطاقة. أما الدوافع الذاتية، فتتعلق بالإشادة بروسيا كدولة غير ليبرالية، حين أعلن أوربان المجر ديموقراطية غير ليبرالية في عام 2014، اعتبر روسيا نموذجاً للحُكم المثالي».على صعيد آخر، يرتبط ولاء أوربان على ما يبدو برغبته في حماية الأصول المجرية في روسيا، لا سيما تلك المرتبطة بمجموعة «مول»، أكبر شركة مجرية للنفط والغاز، وبنك «أو تي بي»، علماً أن مجريين أثرياء من داعمي حزب «فيدس» يتولون إدارتهما. عندما انسحبت شركة السيارات الفرنسية «رينو» من روسيا، اضطرت لبيع حصصها في شركة سيارات روسية مقابل قيمة رمزية اقتصرت على روبل واحد.لكن لم يكن أوربان من محبّي روسيا دوماً، حين كان في معسكر المعارضة، دائماً انتقد موسكو بأعلى الصوت. في عام 2007، أعلن أن «النفط قد يأتي من الشرق، لكنّ الحرية تأتي من الغرب دوماً». وعندما اندلعت الحرب بين روسيا وجورجيا في السنة اللاحقة، سارع أوربان إلى إدانة روسيا وحذر من الاتكال المفرط على مصادر الطاقة الروسية. لكن تغيّرت نبرة أوربان بحلول عام 2009، ثم اختلفت توجهاته بالكامل بعد فوزه في انتخابات عام 2010.برأي سوزانا سيليني التي كانت من أعضاء حزب «فيدس» حتى عام 1994، يصعب تحديد نوع اللعبة التي يخوضها أوربان مع روسيا: «هو يطبّق سياسة اللعب على الحبال، فيرغب في استغلال مكانة المجر في الاتحاد الأوروبي فيما يتابع التواصل مع القوى الشرقية، لا سيما روسيا. دائماً أكد أن مواقفه لا ترتبط بمصالحه الخاصة... لكن من الواضح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضعه على مسار معيّن وهو يعجز عن التراجع عنه». في غضون ذلك، لجأ أوربان إلى ممارسات تتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي، فعمد إلى تفكيك السلك القضائي وخرّب ديموقراطية كانت معروفة بحيويتها، لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي لا يجرؤ على تخفيض التمويل الذي يخصصه لبودابست مع أنها تُضعِف حُكم القانون بكل وضوح، وهو مبدأ أساسي في الاتحاد.خسر أوربان عدداً كبيراً من أصدقائه في أوروبا بسبب مواقفه هذه، لكن يصطف الجمهوريون على الطرف الآخر من الأطلسي لسماع مواقف هذا السياسي غير الليبرالي. في السنة الماضية، قدّم المذيع تاكر كارلسون برنامجه على قناة «فوكس نيوز» من بودابست، وتكلم نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، خلال مؤتمر ديموغرافي من تنظيم أوربان في شهر سبتمبر. كذلك، سيشارك أوربان في «مؤتمر العمل السياسي المحافِظ» في دالاس، إلى جانب صديق مقرّب منه: الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. في خطاب بعنوان «كيف نحارب»، من المنتظر أن يلقي أوربان خطاباً يمينياً متطرفاً أمام جمهور متملّق، لكنه سيخفي على الأرجح علاقته الممتازة مع بوتين في هذه المناسبة.* أماندا كوكلي