صرح مسؤولان في الاستخبارات الأميركية لصحيفة فورين بوليسي بأن بوركينا فاسو قد تكون الهدف المقبل لمجموعة «فاغنر» الروسية، غداة العزلة المتزايدة التي يواجهها هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا بعد الانقلاب العسكري الأخير في شهر يناير.

قامت مجموعة المرتزقة المرتبطة بالكرملين بغزوات متعددة في أنحاء إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، فرسّخت سلطة القادة السياسيين المحاصرين تزامناً مع استفادتها من الموارد الطبيعية المربحة.

Ad

قد تصبح بوركينا فاسو أول هدف لهذه المجموعة في المرحلة المقبلة إذاً؛ لأنها غنية بمناجم الذهب، وشهدت انقلاباً حديثاً، وتفتقر إلى الأمن، ويوجد مقاتلو «فاغنر» في مالي المجاورة.

لهذا السبب، تشعر وزارة الدفاع الأميركية بالقلق من أن يستهدف الروس الدول الهشة سياسياً والغنية بالموارد في وسط إفريقيا وغربها عن طريق قوات «مجموعة فاغنر».

أجبر الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا الكرملين على إعادة عدد من مقاتلي «فاغنر» إلى أوروبا بعدما كانوا ينشطون في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا، حيث عجزت روسيا عن مساعدة أمير الحرب الليبي خليفة حفتر لترسيخ مكانته في العاصمة طرابلس. لكن كثّفت روسيا تحركاتها في مالي، حيث تنفّذ فرنسا عمليات للتصدي لجماعات متطرفة عنيفة مثل «داعش» وفرع «القاعدة» في بلاد المغرب، قبل تقليص نطاق المهمة هذه السنة. يشعر المسؤولون بالقلق إذاً من أن تستفيد روسيا من غياب الاستقرار في المنطقة، تزامناً مع انتشار مظاهر الإرهاب في أقصى الجنوب.

لكن يظن الخبراء أن روسيا لم تستعمل «مجموعة فاغنر» كمرتزقة في إفريقيا بقدر ما اعتبرتها أداة لتسهيل وصولها إلى الموانئ والمطارات والموارد الطبيعية.

في هذا السياق، تقول آنا بورشيفسكايا التي حللت دور «مجموعة فاغنر» في الشرق الأوسط وإفريقيا في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، إن المقاتلين يصلون إلى المواقع التي يريدونها عبر تطبيق قواعد بسيطة، فيقصدون بلداناً مثل ليبيا، أو السودان، أو جمهورية إفريقيا الوسطى، أو مدغشقر، بعد إجراء محادثات رفيعة المستوى بين قادة موسكو وكبار الزعماء الوطنيين حول تسهيل زيارة الموانئ وكيفية الوصول إلى المطارات، قبل إطلاق الجهود اللازمة لترسيخ موقع «مجموعة فاغنر» وتنظيم زيارات للجيش الروسي لاحقاً.

تضيف بورشيفسكايا: «هم يبحثون عن الطرق التي تسمح لهم بصبّ الزيت على النار، وتزداد قدرة روسيا على نشر مرتزقة مجموعة فاغنر لأن موسكو لا تحمل أي تاريخ استعماري في إفريقيا، ما يسمح للكرملين بطرح نفسه كجهة مختلفة عن القوى الاستعمارية».

بناءً على مقاييس التجارة والاستثمارات والمساعدات الإنسانية، لا تزال بصمة روسيا في إفريقيا ضئيلة مقارنةً بالولايات المتحدة وأوروبا والصين، لكن من خلال نشر عناصر «مجموعة فاغنر» لترسيخ الأمن وإثبات دورها الأساسي في حماية القادة المحاصرين، نجحت موسكو في اكتساب نفوذ هائل بأقل قدر من الاستثمارات.

بدا وكأن روسيا تتابع إعطاء الأولوية لإفريقيا في مجال السياسة الخارجية رغم احتدام الحرب في أوكرانيا. كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يأمل إخماد المخاوف الإقليمية من غياب الاستقرار الغذائي نتيجة توقف العمل في معظم موانئ تصدير الحبوب الأوكرانية في الفترة الأخيرة، فأطلق جولة قارية تشمل أربع دول هذا الأسبوع: مصر، وإثيوبيا، وأوغندا وجمهورية الكونغو.

أجبرت الحرب في أوكرانيا الكرملين على تغيير وجهة المرتزقة في «مجموعة فاغنر»، فنقلتهم من مهامهم في إفريقيا والشرق الأوسط إلى جبهة الحرب المحورية في إقليم «دونباس»، لكن قد تؤثر مجموعات صغيرة من المقاتلين على السياسة الخارجية حتى الآن. يعتبر المسؤولون الأميركيون وجود «مجموعة فاغنر» في جمهورية إفريقيا الوسطى أكبر نجاح لها، فقد تقرّب المقاتلون هناك من رئيس البلد المحاصر.

* جاك ديتش وإيمي ماكينون

Foreign Policy