يواجه الأطفال حاليا حرباً وهجمة فكرية وأخلاقية عنيفة، تستهدف مستقبلهم وضرب الأجيال القادمة في مقتل عن طريق سلاح السموم البيضاء (المخدرات) أو إدمان سلوكيات شاذة يرفضها أي مجتمع سليم أو عقيدة إلهية.ولأن انهيار المجتمعات يبدأ من هدم ثرواتها البشرية، وجب على جميع الأجهزة التصدي لتلك الهجمة التي تستهدف عصب الدولة، لحماية أبنائها، بدلاً من اغتيال نواة وبذرة مستقبلها المشرق.
وفي تصريح لـ«الجريدة»، دقت أستاذة علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت د. فاطمة عياد، ناقوس الخطر بكشفها عن حجم المخاطر التي تواجه أطفالنا وشبابنا يوميا، وكيفية التصدي لها... فإلى التفاصيل:وذكرت عياد أن الشباب فوق 18 سنة اليوم هم الفئة الأكثر استهدافا من تجار تلك السموم، إلا أنه للأسف يبدأ إدمان المخدرات تحت هذه السن عند عمر 14 سنة، وهم قانونا أطفال، ولكنهم ضمن الفئات المستهدفة من مافيا المخدرات حول العالم، مبينة أن تلك التجارة غير المشروعة حجمها ضخم وتحتل المركز الثالث عالميا بعد الأسلحة والنفط.وأكدت أن هذه الحرب شرسة وقوية وليست بالهينة أبدا، «فهذه العصابات أقوى من الحكومات أحيانا ولديها جيوشها الخاصة التي تحميها»، معتبرة أن «الطفل والشاب في مواجهة حرب خطيرة وقوية ويجب علينا دعهمهم ومساندتهم للعبور بهم إلى بر الأمان».
التصدي للحرب
وحذرت عياد كل الأهالي والأجهزة المعنية بضرورة عدم اعتبار هذا الخطر بعيداً عن أي بيت أو مجتمع، لأن الحالات موجودة بالفعل بين جميع الفئات العمرية، مبينة أن جميع أجهزة الدولة معنية بالأمر، سواء المدارس أو المساجد أو الجامعات أو الإعلام وجميع المؤسسات التربوية والتوعوية.ولفتت إلى أنها في السابق كانت تشارك مع فريق أكاديمي متخصص بندوات توعوية في جميع مناطق الكويت وللأطفال في المدارس بإشراف لجنة مكافحة المخدرات «غراس» برئاسة د.عويد المشعان، معربة عن أسفها لتوقف هذا النشاط.ذهاب بلا عودة
واعتبرت عياد أن الإدمان غالبا يكون طريقاً بلا رجعة «One way ticket» لأن نسبة التعافي لا تتجاوز 25 في المئة، بينما ينتكس 75 في المئة من المتعافين، وهي نسبة ربما لا يجوز الإعلان عنها، سواء للمتعاطي أو المختصين، حتى لا تصيبهم باليأس، مستدركة بأن نسبة الـ 25 في المئة القابلة للعودة للحياة الطبيعية تستحق كل الجهد لأن خلف كل مدمن أسرة ومحبين وحياة كاملة، وإحياء شخص واحد كإحياء الناس جميعا.ودعت الشباب إلى معرفة خطر هذه السموم وصعوبة الإقلاع عنها حتى يكونوا أكثر حرصا على أنفسهم ويعرفوا أن طريق العودة صعب جدا، فوجب التحذير.جرم أم مرض؟
وذكرت أن دليل التشخيص الأميركي الخامس يعتبر الإدمان مرضاً مزمناً وليس جرما يجب على صاحبه العقوبة والسجن، ولذلك من الخطأ أن يرفض المجتمع تقبل تلك الفئة، ويرفض القانون مسامحتهم، واعتبار المدمن مجرما، مبينة أن دخول المدمن إلى السجن لن يحل المشكلة بل يضاعفها.وأكدت أن هناك تجارب محزنة للعديد من الأشخاص الذين أصابهم الموت المفاجئ نتيجة جرعات زائدة بعد ساعات من التواصل معها، «وكم أشعر بالفشل والبؤس لأشخاص أعرفهم ويتواصلون معي ويحكون لي عن تجاربهم المريضة مع المخدرات، وبعد ساعات أعرف نبأ وفاتهم، ومنهم أشخاص طيبون ورائعون وأبناء عائلات محترمة ولكن فعلهم سيئ وسقطوا في شباك المصيدة فكانت نهايتهم مأساوية».وحول أسباب التعاطي، حذرت عياد من أخطرها، وهي التجربة الأولى للمخدر، لأنها بداية السقوط، والبدايات دائما مبهجة، «ففي التجارب الأولى يشعر المدمن بإرتياح وبعدها يبدأ الاعتماد بدرجة مرضية مزمنة»، مضيفة أن التجربة تبدأ عادة مع الأصدقاء وتحت أنواع من الدعاية الكاذبة، فضلا عن ذلك فإن التفكك الأسري وفقا لأحدث الدراسات العلمية يعد السبب الرئيسي للإدمان، حيث إن البيئة الأسرية المشحونة وغير المستقرة أول ما يدفع الأبناء إلى السقوط في براثن أصدقاء السوء.سلوكيات خاطئة
وأكدت عياد أنه من أكثر السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها الأهالي هو طرد الابن مثلاً إذا تأخر أو ارتكب خطأ ما، وتكون النتيجة أن يذهب إلى صديق سوء وتبدأ الكارثة، مشددة على أهمية مراقبة الأهالي لأبنائهم والحديث معهم والتقرب إليهم والتعرف على أصدقائهم وأهاليهم والنصح الواعي دون تسلط لأن الأطفال والمراهقين أول ما يهربون منه هو سلطة الاهل لصالح رحابة الصداقة مع أقرانهم فيكونوا أكثر تأثرا بهم ووقوعا تحت وطأتهم.وأضافت أنه من الضروري تنشئة الأطفال تنشئة نفسية سليمة وتوعيتهم من خلال الندوات والقيم الدينية، إلى جانب احتضانهم داخل أسوار الأسرة والتعامل مع أخطائهم بحكمة وليس بعنف لحمايتهم من أفكارهم السلبية وأهوائهم المغلوطة في تلك المرحلة الخطيرة.الأفلام الكرتونية والألعاب الإلكترونية خطر على الأطفال
شددت د. فاطمة عياد على ضرورة مراقبة الأهالي لأبنهائهم الصغار والأطفال وعدم تركهم مع أقرانهم بمفردهم دون مراقبة وعدم تركهم فريسة للأفلام الكرتونية والألعاب الالكترونية المسمومة وأفكارها الهدامة للأخلاق والقيم والصحة النفسية، وخصوصا في ظل ارتباط الأطفال بالألعاب الفيديو التي أصبحت تروج لأفكار شاذة كالمثلية الجنسية وأعمال العنف والسطو والقتل والحروب.وأوضحت عياد أن الاتجاه العالمي إلى اعتبار المثليين طائفة طبيعية في المجتمع هو تضليل وعبث، لأن أغلب هذه الحالات لأصحاب انحرافات فكرية ونفسية يجب توعيتهم، لا تقبلهم والتعايش معهم، مؤكدة أنهم ليسوا مرضى بل فاسدون ومفسدون للمجتمعات، ويجب التصدي لهم حفاظا على أبنائنا ومستقبلهم وسعادتهم.