من صيد الخاطر:«لا عِطْرَ بعد عَرُوس»
«لا عِطْرَ بعد عَرُوس»، مثل عربي يقال استصغاراً لكل امرئ دون صاحب الحب والوفاء والمودة، ووراء هذا المثل قصة.فعروس هذا كان زوجاً لامرأة من بنات عمه، يقال لها أسماء بنت عبدالله، من قبيلة بني عذرة، وحصل أن مات عنها «عَرُوس» فجزعت عليه جزعا شديدا، إلا أن أهلها زوجوها برجل من غير قومها يقال له «نوفل»، كان «نوفل» هذا أعسر، أبخر، أي كريه الرائحة، بخيلاً، ودميماً، فلما أراد أن يرحل بها إلى أهله، قالت له: لو أذنت لي فرثيت ابن عمي عند رمسه، أي قبره، فقال لها: افعلي.وقفت أسماء أمام قبر عَرُوس فتذكرت محاسنه، فقالت باكية: يا عَرُوس الأعراس، يا ثعلباً في أهله، وأسداً عند الباس، مع أشياء ليس يعلمها الناس، فسألها نوفل: وما تلك الأشياء؟ قالت: عنّ الهمة غير نعّاس، ثم قالت: يا عَرُوس الأغر الأزهر، الطيب الخيم الكريم المخبر، مع أشياء لا تذكر، فسألها نوفل: وما تلك الأشياء؟ قالت: كان عيوفاً للخنا والمنكر، طيب النكهة غير أبخر، أيسر غير أعسر.
غضب نوفل لأن أسماء عرضّت به، فلما رحل بها قال: ضمي إليك عطرك، وقد نظر إلى قشوة العطر مطروحة على الأرض، فقالت: «لا عِطْرَ بعد عَرُوس»، فأصبحت مثلاً.ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.