في ثاني تظاهرات مضادة ينظمها القطبان الشيعيان منذ اقتحام مبنى مجلس النواب احتجاجاً على ترشيح محمد شياع السوداني، الموصوف بأنه ظل زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، لمنصب رئيس مجلس الوزراء، دعا التيار الصدري و»الإطار التنسيقي الشيعي»، أمس، أنصارهما للتحشيد لاحتجاجات متقابلة في مناطق وسط وجنوب العراق، على خلفية تفاقم الأزمة السياسية وانسداد قنوات الحوار بينهما، رغم دعوة رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي للكتل والأحزاب إلى تحمّل مسؤوليتها والعمل على حل الخلافات.وقالت اللجنة المنظمة لتظاهرات الدفاع عن الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة، التابعة لـ «الإطار»، الذي يضم فصائل وأحزابا متحالفة مع إيران، إن «موعد انطلاق التظاهرات الجماهيرية، تحت شعار الشعب يحمي الدولة، سيكون في الساعة الخامسة من عصر الجمعة على أسوار المنطقة الخضراء من جانب الجسر المعلّق».
وحث بيان «الإطار» جميع العراقيين «المحبين لوطنهم ودولتهم على المشاركة الفاعلة من أجل المطالبة باحترام مؤسسات الدولة، وخصوصاً التشريعية والقضائية، ومنع الانفلات والفوضى والإخلال بالأمن والسّلم المجتمعي، والمطالبة السلمية بتشكيل حكومة خدمة وطنية تخفف معاناة الناس من نار الغلاء وشحّة الماء وانقطاع الكهرباء، وتقوم بإقرار موازنة الدولة لتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة والفقر».وأضاف إن «موعدنا الجسر، وسيكون للأحرار وقفة وطنية ترفض مصادرة رأي الشعب واحتكاره تحت أي ذريعة، فالعراق للجميع والبرلمان لكل الشعب، والقضاء ركيزة الدولة».
وزير الصدر
وغداة دعوة زعيم التيار المجلس الأعلى للقضاء إلى حل البرلمان، خلال مهلة حتى نهاية الأسبوع المقبل، بسبب ما وصفه بمخالفته للوائح دستورية بشأن تشكيل الحكومة ورفضه دعوة المالكي لانعقاد المجلس مجدداً من أجل التصويت على حله، صرح محمد صالح العراقي المعروف بـ «وزير الصدر»، عبر مواقع التواصل بالقول: «على محبّي الإصلاح الاستعداد لدعم الإصلاح، وذلك بتجمّع حاشد كل في محافظته، وفي الساعة الخامسة من يوم غد». وعزا أسباب الخروج بالتظاهرات لأسباب منها ما أسماها «إغاظة الفاسدين»، وكذلك «ملء الاستمارات القانونية لتقديمها للقضاء من أجل حلّ البرلمان» الذي يخضع لهيمنة نواب «الإطار»، بعد استقالة الكتلة الصدرية، 73 نائباً، إثر فشلها في تشكيل حكومة «أغلبية وطنية».وكانت الكتلة الصدرية تحصلت على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في أكتوبر الماضي من عام 2021، إلا أن مساعي زعيم التيار أخفقت في تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة جراء وقوف «الإطار» بوجهها من خلال استصدار فتوى من المحكمة الاتحادية بما يسمى الثلث المعطل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الممهدة لتسمية رئيس مجلس الوزراء.الكاظمي والموازنة
في غضون ذلك، حذّر رئيس الوزراء المؤقت، الذي تسلّم مهمته قبل سنتين ونصف السنة تقريباً، من خطورة عدم وجود موازنة بسبب تعطّل البرلمان، مؤكداً استعداده لتسليم السلطة لأي حكومة منتخبة.وقال الكاظمي إن «العراق يواجه مشكلة سياسية حقيقية في مرحلة ما بعد الانتخابات، وهي بحاجة إلى حل، والحل يتطلب الحوار، والحكمة، والتضحية، مثلما ضحّى الإمام الحسين؛ من أجل العدالة، والقيم، والدين، وكذلك مطلوب من القادة السياسيين تقديم التضحيات من أجل الوطن، ومن أجل أبنائنا». وتابع: «نمرّ بفترة عصيبة، ومع كل هذا عملنا على تذليل الكثير من المشاكل»، لافتا إلى أنه «كانت هناك مشاريع متلكئة أو فاشلة تم التخطيط لها منذ سنوات طويلة، وعملنا على إحيائها وتحويلها إلى فرص للنجاح، في إعادة بناء المستشفيات المتلكئة ومشاريع أخرى تخص الكهرباء، والنفط، والغاز، والطاقة البديلة، لكن بلا موازنة، فإن حياة الناس ستتعطل ولن تستطيع بناء المدارس أو تعبيد الطرق وبناء المشاريع».في موازاة ذلك، طالب وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد، قادة الجيش بالابتعاد عن المناكفات السياسية المحتدمة، وأن يكونوا على مسافة واحدة من الجميع، وألا يركنوا إلى جهة ضد أخرى، مع التركيز على مهام حماية الوطن من الفتن.تعزيزات أميركية
إلى ذلك، ذكرت تقارير أميركية، أمس، أن الولايات المتحدة تعزز قواتها الموجودة بالعراق في إطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش بثلاثمئة جندي إضافي سيبقون في العراق لمدة 9 أشهر ويعودون إلى أميركا في يوليو المقبل.وهؤلاء الجنود الإضافيون ينتمون إلى فرقة مدفعية الميدان الـ 163 من «الحرس الوطني» لولاية إنديانا، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2008 التي تقوم فيها أميركا بإرسال هذا العدد من الجنود إلى العراق.وتأتي الخطوة، التي يرجح أن تغضب الأحزاب والفصائل المسلحة المتحالفة مع طهران، لدعم 2500 جندي أميركي في العراق، وهؤلاء الجنود يعملون في إطار «التحالف ضد داعش» وفي إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويقدمون المشورة للقوات العراقية، وليس معلوماً إن كان عددهم سيبلغ 2800 جندي مع وصول القوة الجديدة، أم ستتم عملية استبدال للجنود، مثلما تفعل أميركا بين الحين والآخر.في ديسمبر الماضي، تم تغيير مهام القوات الأميركية في العراق وإقليم كوردستان من قوات قتالية إلى قوات تقدّم المشورة، لكنّ المسؤولين الأميركيين سارعوا حينها إلى تبديد الشكوك، مؤكدين أن واشنطن لن ترحل عن الشرق الأوسط، رغم توقّعهم أن تعمد الفصائل المسلحة المقربة من طهران إلى زيادة عدد هجماتها التي تستهدف القوات الأميركية.من جهة أخرى، أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، أمس، أن 39 وزيراً ومن بدرجته و241 من ذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن بدرجتهم، من بين المُتهمين في قضايا جزائية.ولفتت إلى استعادة ومنع هدر (1.773.380.063.273) ديناراً من الأموال العامَّة خلال العام الماضي.