الفساد والفاسدون باقون ما بقي الناس، ولن ينقرضوا، وهذه سنّة الحياة، أما حجمهم وعددهم فيختلف غالباً حسب المفهوم الشخصي للفساد ومدى قوة العلاقة مع الفاسدين بتشكيلاتهم المختلفة، فالفاسد البعيد يستحق أقصى العقوبات والفاسد القريب له مبرراته ودوافعه التي لا يستحق عنها إلّا التعاطف واستعمال منتهى الرأفة، وهذه سنّة العمل السياسي في الكويت.
البلاد على أعتاب مرحلة جديدة، كما أسمع كثيراً هذه الأيام، والانتخابات النيابية على الأبواب، وبعد أن أضعنا أكثر من عشر سنوات من عمْر البلاد والعباد في ثنائيات سقيمة لم توصل أحداً إلى أي مكان، تتطلب المرحلة القادمة من المرشحين والنواب القادمين عرض أفكارهم ورؤاهم ومشاريع قوانينهم على الأمة التي ستنتخبهم، والعمل لاحقاً على إقرارها، وهذا صلب عملهم الذي انتخبوا من أجله، وسواء كانت عن محاربة الفساد، كما يرددون دائماً، أو عن أي موضوع آخر بحاجة إلى تشريع من نواب يتحمّلون مسؤولياتهم السياسية، بدلاً من إدمان لعبة الشرطي والحرامي، ومرزوق وأحمد، والدولة العميقة والدولة السطحية، وما إلى ذلك من مؤامرات متخيلة أو معارك ظاهرها عام وباطنها شخصي بحت، لا تسمن ولا تغني إلّا أصحابها وتوابعهم والمتسلقين وهواة ركوب الأمواج.الاستمرار على اللغة والأفكار المتداولة ذاتها سيضيع السنوات العشر القادمة لتلحق سابقتها، ولا بدّ على الأقل من السعي لإيجاد طريق ثالث يوازن بين الشعارات المرفوعة، والمدفوعة أحياناً، وبين الممارسة والعمل البنّاء، أما الاكتفاء بمخاصمة الشيوخ أو الانشغال بدور الحطب في معارك طموحات الكبار المتعارضة، فهذا لا يعبّر عن نزاهتك أو يعني عدالة قضيتك، ولا يغنيك أو يغنينا عن العمل التشريعي الجاد والفعّال، فلن تبلغ الجبال طولاً، ولن تبزّ مثلاً المرحوم عبدالله النيباري، الذي خاصم ولم يفجُر، وأمّم النفط ولم يزايد، فإهمال العمل التشريعي والانشغال بالصراعات الجانبية بدعوى محاربة الفساد البعيد وبوسائل فاسدة أصلاً، لن ينتج عنهما في نهاية المطاف سوى فساد وتراجع أكبر وأعمق من الفساد الأصلي الذي كنّا نريد محاربته في البداية، كما هو جارٍ حالياً، وحضرتك ستكون شريكاً أصلياً فيه.
أخر كلام
نقطة: خلّوا الفساد على كتر...
12-08-2022