مسألة توحيد الصين والعصرنة السياسية الجديدة!

Ad

في زمن تكاثر الظروف النزاعية وتناسل الأزمات الدولية وتفجّر الصراعات بين الدول الكبرى الحالمة باستعادة مواقعها على الخارطة الأرضية والبحرية والمجال الجوي وحتى السيطرة على مصادر الطاقة وخرائط الآبار النفطية كسلاحٍ قوي وأكثر فعالية، خصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية التي انعكست على مدى الكرة الأرضية إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما ولّدته من مخاوف من إعادة تسعير الحروب الاقتصادية والحصارات الغذائية، بما تُكرِّسه من جديد دول قوية تفرضُ نفوذها على أراضيها وما بعد أراضيها، وبما تعتبره «حقاً امتيازياً وتاريخياً» لها يرتبط بوجودها وهيبتها ويمكنها من فرض سيطرتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية بكل الوجوه، من هذا التوجُّه للرغبة في استعادة القوة ترسم الصين خارطة أحقيَّتها بتايوان وفق مستوياتٍ ثلاثة:

• على مستوى زخم الحزب الشيوعي

• على مستوى نبض الشعب الصيني

• وعلى مستوى تصميم الحكومة

وعلى هذه المستويات تبني الصين استراتيجية استعادة هيبتها بدءاً من استرجاع تايوان لتؤكد على مبدأ «الصين الواحدة» والصين القوية، هذا المبدأ المدعم بقرار ووثيقة دولية ومُثبَت بسند تاريخي ونصوص قانونية تؤكد وحدة الصين الجغرافية وتنوعها الديموغرافي، وهي مهمة كيانية التزمت الصين بالحفاظ على جوهرها وإصرارها على سياسة التهدئة وإبعاد ظروف التوتر، مع ما يترافق من ضرورة وضع سياسات انفتاحية جديدة في مجالات التنمية والتقدم والتحديث وعصرنة الظروف المعيشية وبناء جسور التواصل بين الشعوب والحضارات على قاعدة أن نوعيَّة المجتمع الصيني تكون بتنوّعه وبوحدته.

وهذا منطلق تفكيري وتحديثي جديد في الذهنية السياسية للنظام الشيوعي الصيني الذي يطرح من خلال «الكتاب الأبيض»

نظرية جديدة، أساسها مقاربة واقعية لمنع الاستفزازات ومخاطر تقويض السلام، والتشجيع على إعادة بناء «العصبية الصينية» الهادفة إلى بناء «التوحيد السلمي» واعتماد الدولة الواحدة ذات النظامين، كمشروع حلٍّ هادئ للأزمة التي تجاوزت سبعة عقود من الانفصال، مع الإقرار بأن ثنائية أو تعددية التباين الأيديولوجي لا تحول أبداً دون إقرار الوحدة وتنفيذها.

الكتاب الأبيض، هو مخطط سياسة بيضاء تطرحه الصين كخطة لإعادة التوازن والتأكيد على مفهوم «التعادلية» و»التنافسية السلمية» حفظاً لموازين القوى التي هدفها خلق مساحات سلمية، وبناء صين جديدة أكثر قوّة في سبيل عالم أكثر سلاماً.