أعلنت شركة «أرامكو» السعودية النفطية الأحد أنها حققت أرباحاً قياسية قدرها 48,4 مليار دولار في الربع الثاني من 2022، بزيادة بنسبة 90,2 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي بفضل ارتفاع أسعار النفط على خلفية الحرب في أوكرانيا.ويشكّل الإعلان استمراراً للأخبار السارة للاقتصاد السعودي، الأكبر في الشرق الأوسط، الذي سجّل نمواً بنحو 12 بالمئة في الربع الثاني على أساس سنوي، هو الأسرع منذ عقد في أكبر بلد مصّدر للذهب الأسود في العالم بفضل عائدات قطاع النفط القياسية.
وقالت الشركة العملاقة في بيان إنها حققت زيادة في صافي دخلها ربع السنوي بنسبة 90,2 بالمئة، «من 95,5 مليار ريال (25,5 مليار دولار) في الربع الثاني من عام 2021 إلى 181,16 مليار ريال (48,4 مليار دولار) في الربع الثاني من 2022».وعزت ذلك إلى «ارتفاع أسعار النفط الخام، وزيادة الكميات المباعة، وارتفاع هوامش أرباح قطاع التكرير».وواصلت الشركة تحقيق أرباح فصلية قياسية للربع الثاني توالياً بعد أرباح قدرها 39,5 مليار دولار في الربع الأول.وتعد هذه الأرباح الفصلية الأعلى منذ طرح 1,7 بالمئة من أسهم الشركة في البورصة في أكبر اكتتاب عام في العالم في أواخر عام 2019، وتجاوزت توقعات المحللين البالغة 46,2 مليار دولار.وقال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين أمين الناصر «برغم استمرار تقلبات الأسواق العالمية، وحالة عدم اليقين القائمة، تؤكد الأحداث التي شهدها النصف الأول من هذا العام نظرتنا بأن مواصلة الاستثمار في قطاع الطاقة ضرورية من أجل المساعدة في ضمان استمرارية إمداد الأسواق بشكلٍ جيد، وتسهيل عملية التحوّل المنظم للطاقة».وأضاف «نتوقع أن يستمر نمو الطلب على النفط لبقية العقد الجاري، رغم الضغوط الاقتصادية السلبية على التوقعات العالمية في المدى القصير».وارتفعت الأرباح الصافية في الربع الثاني بنسبة 22,7% بالمقارنة مع الربع الأول من العام الجاري.وبلغت الأرباح نصف السنوية87,91 مليار دولار مقابل 47,18 مليار دولار في نفس الفترة العام الماضي.وبلغ سعر سهم أرامكو 40,8 ريالاً (10,9 دولار) عند بدء التداول في البورصة السعودية الأحد.ووزعت الشركة أرباحاً بقيمة 18,8 مليار دولار على المساهمين في الربع الأول وستدفع القيمة ذاتها في الربع الثاني أيضاً.
«فرصة ذهبية»
في مايو الفائت، أطاحت الشركة النفطية السعودية مجموعة التكنولوجيا الأميركية العملاقة «آبل» كأغلى شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، قبل أن تتراجع لاحقاً إلى المرتبة الثانية.وتعد أرامكو، «درة تاج» المملكة، إحدى الركائز لتمويل مشروع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الطامح لتنويع مصادر اقتصاد بلاده المرتهن للنفط.وفي مارس الماضي، أعلنت أرامكو أنها سجلت زيادة في صافي أرباحها السنوية في 2021 بنسبة 124 بالمئة مقارنة بالعام 2020 حين ضربت جائحة كورونا اقتصادات العالم.وحققت السعودية نمواً اقتصادياً بنحو 12 بالمئة في الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي.كما سجلت نمواً في عائدات الربع الثاني من موازنتها بنسبة 49 بالمئة على أساس سنوي، بفائض يبلغ نحو 21 مليار دولار، وجاء هذا الارتفاع الكبير مدفوعاً بزيادة قدرها 89% في العائدات النفطية مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي.واستفادت السعودية من ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا، كما قاومت طلبات الدول الغربية لزيادة إنتاج الذهب الأسود في مسعى لكبح أسعاره.من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية بنسبة 7,6 بالمئة في عام 2022، على ما ذكر صندوق النقد الدولي.وقال الخبير في مجال الطاقة المقيم في أبوظبي إبراهيم الغيطاني إنّ «السعودية تحقق أخيرا فوائض مالية لم تحققها خلال العقد الأخير ما يساعد على توفير التمويل للمشروعات التنموية المطروحة وفق رؤية 2030»، التي طرحها ولي العهد في 2016.وعدّ الزيادة الأخيرة في أسعار النفط «فرصة ذهبية للسعودية لتحقيق تراكم أموال لتوظيفها في الصناديق السيادية أو لضخها في الاقتصاد السعودي حسب مخططات التنمية».بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، أكدت السعودية والإمارات التزامهما بتحالف أوبك بلاس النفطي الذي تقوده الرياض وموسكو، في تأكيد على استقلالية الرياض وأبو ظبي المتزايدة عن حليفتهما واشنطن.وباتت أرامكو آخر شركة نفط كبرى تجني مبالغ طائلة بعد أن كشفت شركات إكسون موبيل وشيفرون وشل وإيني وتوتال إنرجي عن أرباح هائلة بمليارات الدولارات.«أقصى طاقة»
وكان النفط على أجندة اجتماع الرئيس الأميركي جو بايدن بقادة المملكة منتصف الشهر الماضي، لكنّ الزيارة انتهت دون اتفاق على زيادة الإنتاج.كما زار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السعودية والإمارات في مارس بغية دفع قادة البلدين الخليجيين لزيادة الإنتاج.ومطلع الشهر الجاري، اتفق ممثلو الدول الثلاث عشرة الأعضاء في أوبك بقيادة الرياض وشركاؤهم العشرة بقيادة موسكو، على زيادة متواضعة جدّاً للإنتاج، «بمقدار 100 ألف برميل يومياً خلال شهر سبتمبر».وانخفضت أسعار النفط بنحو 30 دولار للبرميل منذ الأسعار القياسية المسجلة في يونيو مع الزيادة التدريجية في الإنتاج، لكنّها بقت حول 100 دولار للبرميل.وكانت أرامكو تواجه تحديات أمنية في ظل استمرار المواجهة في اليمن بين التحالف العسكري بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين الذين استهدفوا مراراً المنشآت النفطية للشركة في أرجاء البلاد وأبرزها هجمات متعاقبة بواسطة طائرات مسيّرة في مارس الفائت.لكنّ هذه الاعتداءات توقفت تماماً مع بدء سريان هدنة في اليمن في أبريل تم تجديدها مرتين لتستمر حتى مطلع تشرين أكتوبر المقبل.لكنّ الناصر أكّد في إيجاز للصحافيين أنّ «كافة مرافق (أرامكو) تعمل وتنتج بأقصى طاقتها» بعد «بضعة أسابيع قليلة» من هذه الهجمات.