يصادف هذا العام الذكرى الخمسين لبدء العلاقات الدبلوماسية بين منغوليا واليابان، لكن تزامناً مع هذه السنة المحورية، شكّل اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، صدمة كبرى لمنغوليا نظراً إلى مساهمات إدارته في تعزيز العلاقات بين البلدين.التزمت إدارة آبي، منذ فوزها في الانتخابات في أواخر عام 2012 وصولاً إلى تقاعد آبي في عام 2020، بتقوية العلاقات بين اليابان ومنغوليا، وسرعان ما بلغت هذه الروابط ذروتها في 2015، حين أصبح البلدان شريكَين استراتيجيين.
من وجهة نظر خبراء السياسة الخارجية اليابانية، تسمح الشراكة الوثيقة مع منغوليا لطوكيو بمعالجة مسائل إقليمية عدة مثل التعامل مع كوريا الشمالية، كذلك ساهم نظام الحُكم والمجتمع الديموقراطي في منغوليا في تقوية العلاقات بين الحكومتَين والشعبَين، وفي عهد آبي زاد عدد الطلاب والعمال المنغوليين في اليابان بدرجة هائلة. في الوقت نفسه، لا تطرح منغوليا أي تهديد مباشر على وحدة الأراضي اليابانية، وهو وضع نادر وسط جيران اليابان في شرق آسيا، إذ تستمر النزاعات على الأراضي بين اليابان وروسيا، والصين، وكوريا الجنوبية.زار آبي منغوليا رسمياً للمرة الأولى عام 2013، بمناسبة الذكرى الأربعين لبدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفي افتتاحية نشرتها الصحف المنغولية بمناسبة تلك الزيارة، أعلن آبي أن هذه العلاقة الثنائية تدعمها «الأرواح الثلاث»: الحرية والديموقراطية، والسلام، والمنفعة المتبادلة. في عام 2014، استعمل فوميو كيشيدا، الذي كان وزير الخارجية الياباني حينئذ، وأصبح اليوم رئيس الوزراء، المبدأ نفسه لترسيخ «التفاهم المتبادل والثقة بين منغوليا واليابان عبر إطلاق حوار استراتيجي ومتعدد الأبعاد».كانت الشراكة الاستراتيجية بين اليابان ومنغوليا كفيلة بتقوية العلاقات الاقتصادية وتكثيف التدابير الأمنية والعسكرية بين البلدين، وقد تعرّضت إدارة آبي لانتقادات متكررة بسبب انتهاكها لالتزام اليابان بالسلم محلياً بعد حقبة الحرب، لذا كانت تعتبر شراكة البلد مع دولة لا تطرح أي تهديدات، مثل منغوليا، مفيدة لتنفيذ التحركات الاستراتيجية اليابانية.بعد زيارة آبي الرسمية الثانية إلى منغوليا، بدأت قوات الدفاع الذاتي اليابانية تشارك في تدريبات «خان كويست» العسكرية والمتعددة الأطراف مع منغوليا في إطار عمليات حفظ السلام التي تنظّمها الأمم المتحدة، ومنذ عام 2012، كانت قوات الدفاع الذاتي البرية اليابانية تقوم بتدريب القوات المنغولية المسلحة في مجال الطب العسكري، لا سيما تدريبات الاستجابة للخسائر الجماعية.على مر عهد آبي الذي امتد ثماني سنوات، حاولت اليابان تسريع جهودها الرامية إلى ترسيخ حضورها ونفوذها الدولي، وحسّنت إدارة آبي مكانة اليابان على الساحة الدولية سريعاً عبر السعي للانتساب إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة، ودعمت منغوليا مقاربة آبي، وقد عبّر رئيس وزراء منغوليا السابق، شيمد سايخانبيليغ، عن دعم الحكومة المنغولية لحضور اليابان في المجتمع الدولي.أدركت إدارة آبي أهمية تطوير العلاقات بين اليابان ومنغوليا باعتبارهما بلدَين ديموقراطيين في عالمٍ لا يكفّ عن التبدّل، ولذا ترك آبي إرثاً مهماً في هذه العلاقة الثنائية، فقد حوّل الشراكة الاستراتيجية إلى واقع ملموس ورسّخ العلاقات بين الحكومتَين والشعبَين.زار رئيس الوزراء المنغولي، لوفسانامسرا أويون إردين، ووزيرة الخارجية، باتسيتسيغ باتمونخ، السفارة اليابانية في «أولان باتور» لتكريم آبي وتقديم التعازي، وذكرت وكالة الأنباء المنغولية «مونتسامي» أن رئيس الوزراء أويون إردين شدد على أهمية السياسة الخارجية التي طبقها رئيس الوزراء الياباني الراحل بناءً على مبدأ «المساهمة الاستباقية في السلام» لترسيخ التعاون والازدهار في المنطقة، وأكد أن أحداً لن ينسى جهوده لتقوية العلاقات بين منغوليا واليابان.كذلك، زار الرئيس المنغولي السابق، نامبارين إنخبايار، ووزير الخارجية السابق، دامدين تسوجتباتار، السفارة للتوقيع على كتاب التعازي تكريماً لشينزو آبي.*بولور لخاجاف
مقالات
دور شينزو آبي في تقوية العلاقات بين اليابان ومنغوليا
17-08-2022