النجوم في الثرى تغور!
أكتب هذه الكلمات عبر الهاتف وعيني تّدمع وإصبعي يرتجف لتأثري بفقدان أخي العزيز «أبي الهيثم»... عبدالرحمن خالد صالح الغنيم، فهو قريبي وابن العمة الغالية وضحة العبدالمغني... نسأل الله له المغفرة والجنة وحسن الثواب.قد تغيب الكلمات وتتعثر التعابير ولكن تظل المشاهد والصور الحية واضحة وتتراكم وترتسم في مخيلتي، وهي التي سوف تتحدث وتُعبِّر عن مدى إخلاص هذا الإنسان لوطنه في كل المجالات؛ خصوصاً إذا ما وقفنا على آرائه الراقية وأفكاره الصائبة التي يجدر بها أن تنال التقدير وتدخل إلى حيز التنفيذ وحينئذ يحق لنا أن نفتخر بمثل هؤلاء الرجال.لا أحد يدري عن مدى الالتزام الدقيق لهذا الرجل، إذا أردت التحدث عنه في مجال العمل الوظيفي الحكومي ودقته المتناهية في الوصول إلى مكان عمله في السابعة والنصف كل يوم دون تأخير دقيقة واحدة رغم أنه في أعلى وظيفة قيادية أيام عمله وكيلاً ثم وزيراً للمواصلات! وذلك عدا الإنجاز السريع والإخلاص في العمل!
ولم يصل إلى هذه المسؤولية القيادية، كما هو حاصل في وقتنا الحاضر للآخرين بـ «البراشوت» أو الواسطات، فلقد بدأ حياته الوظيفية مهندساً في مجال تخصصه بالهواتف والاتصالات بعد تخرجه من أميركا في عهد استقلال الكويت عام ١٩٦١، وتدرج في الوظائف بنفس الوزارة لسنوات طويلة جداً دون تخطي أو تجاوز غيره... رغم أن والده كان رئيساً لمجلس الأمة!نستذكر أيام الاحتلال العراقي للكويت ولا ننسى دور أخينا العزيز عبدالرحمن الغنيم، عندما كان «الأمين العام للمؤتمر الشعبي لتحرير الكويت»، والذي عقد في جدة، حيث يخبرني الصديق د. خليفة الوقيان الأمين العام المساعد للمؤتمر؛ بمدى الدقة والإعداد والتنظيم الجيد، التي كان وراءها أبوالهيثم في ظل الظروف الصعبة! ما يتبقى من الذكريات هو الدور الاجتماعي اللافت للنظر، ورغم أعبائه الوظيفية لا تجده في مكان واحد، ويشهد بذلك ديوانه العامر وزياراته المكثفة للدواوين وزيارة المرضى في المستشفيات وتأديته واجبات العزاء كل يوم لجميع الأسر دون استثناء... كان أشبه بخلية نحل، وتجد عنده العسل في أحاديثه الهادئة المتزنة وآرائه الصائبة وعلاقاته الطيبة مع الجميع!والأهم الذي لا يختلف عليه اثنان لا تجد لديه أي خصومات كانت، وحتى وقت عضويته في مجلس الأمة، كانت علاقاته ودية مع الجميع، ويطرح آراءه بجدية وبأسلوب علمي منظم، ويقدم المشاريع التي تصب في مصلحة الكويت والمواطنين، وجميعها نال الموافقة والتأييد!أرجو من الدولة، دون تأخير، تغيير اسم شارع صنعاء في ضاحية عبدالله السالم إلى اسم عبدالرحمن خالد الغنيم!أيهما أهم: اليمن الذي وقف ضد الشرعية وتحرير الكويت أيام الاحتلال... أم عبدالرحمن خالد الغنيم الذي كان الأمين العام للمؤتمر الشعبي الكويتي في جدة المساند للشرعية ولتحرير الكويت؟!