حول سياسة الباب المفتوح
هناك نقد لسياسة الباب المفتوح، التي اتبعها رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف، حين كان وزيراً للداخلية، والآن يسير على خطاها وزير الداخلية الحالي، ولا أدري إن كان بقية الوزراء أو كبار المسؤولين يتبعون النهج ذاته أم لا، أيضاً لا يمكن الجزم ببراءة هذا النقد من عدمه.المؤكد أنه في دولة المؤسسات القانونية، لا مكان هناك لعبارة «الباب المفتوح» المستوحاة من صفحة شكاوى القراء في جرائدنا اليومية، ويتم الآن تفعيلها عند المسؤولين، هناك «إجراءات» وسلوك يتعين اتباعهما إذا وقع ظلم ما على أي إنسان في الدولة، وهذا صحيح حين تكون تلك المؤسسات فاعلة منتجة، وأن الإجراء الذي يتعين على مدعي المظلومية سريع وحاسم في نتائجه، لا يخضع لبيروقراطية الجهاز الإداري وتسويفه، لكن ما العمل في مثل الحالة الكويتية، فهناك يقين غير قابل للجدل برداءة هذا الجهاز وعطالته في أغلب الأحوال؟!
الواسطة والمحسوبية وسلطة المال هي المهيمنة في دولة الخيمة القبلية وهي مجرد صور عادية للفساد الإداري تراكمت على مدى عقود طويلة، ومن ينتقد سياسة الباب المفتوح اليوم ماذا كان يقول بالأمس حين كنا نرى مشاهد مزرية لنواب الخدمات وهم يتحلقون حول الوزير في جلسات مجلس الأمة، أو يطرقون باب هذا الوزير المرتاح من «تمشية» الأمور، فهو قد تجنب سؤالاً أو استجواباً محتملين، وسارت الأمور كعادتها على سكة حديد الابتزاز النيابي في عدد من الأحوال وليس كلها. سياسة الباب المفتوح الآن كنهج يمكن تقبلها بصورة مؤقتة، وهي وسيلة ناجعة لتخطي حواجز بيروقراطية ظالمة، لكن على المدى الطويل لا يمكن القبول بها ما لم يتم إصلاح مؤسسات الجهاز الإداري وقلبه رأساً على عقب، ولعل أبسط صورة لبداية معقولة هي أن يطلب سموه من وزرائه أن يغلقوا أبوابهم عن نواب الخدمات والوساطات، وأن تمزق مشاهد التحلق حول الوزير من بعض النواب في جلسات المجلس، وحين يتم فرض الخضوع الكامل للتجرد القانوني والعدالة، ويتم تغيير قوانين ولوائح وتعليمات ظالمة، فعندها لا مكان لسياسة الباب المفتوح، ما دام حكم القانون هو السيد الحاكم، مسألة صعبة وعويصة لكنها ليست مستحيلة إذا وجدنا إرادة سياسية حاسمة.