7 ملفات شائكة تنتظر محافظ «المركزي» المصري الجديد
في الوقت الذي يستعد مقر البنك المركزي المصري لاستقبال المحافظ الجديد، عقب الإعلان عن استقالة المحافظ السابق طارق عامر، كشف محللون أن هناك 7 ملفات شائكة يجب التعامل معها.وتعد المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي أبرز الملفات الشائكة التي تنتظر المحافظ الجديد، خاصة أنه لم يعلن حتى الآن عن تفاصيل أو اشتراطات الصندوق، يضاف إلى ذلك مشاكل سوق الصرف وتأثير استمرار تراجع الجنيه المصري على معدل التضخم الذي سجل مستويات قياسية خلال الفترة الماضية، ويعد من أكبر الأزمات التي تواجه البنك المركزي في الوقت الحالي.أيضا، من الملفات الصعبة التي تنتظر المحافظ الجديد ما حدث في ملف الأموال الساخنة، التي دخلت وخرجت من مصر بشكل سريع دون الاستفادة منها، إضافة إلى المشاكل التي تنتظر قطاع الواردات والخلافات التي أثارتها القرارات الخاصة بمستندات التحصيل.
ومن الملفات الشائكة، ما يتعلق باحتياطي البلاد من النقد الأجنبي، الذي تراجع خلال الفترة الماضية ليسجل نحو 33.376 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، وأخيرا ملف الدين الخارجي الذي ارتفع وفق بيانات البنك الدولي ليسجل نحو 157.8 مليارا بنهاية الربع الأول من 2022، مقابل نحو 145.5 مليارا في ديسمبر 2021 بنمو 8.1 في المئة.وكشف رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر سابقا هاني توفيق أن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي تشير إلى جانب مهم فيما يتعلق باستقالة المحافظ الحالي، حيث يشترط الصندوق اتباع سياسة مرنة في سوق الصرف المصري، بخلاف الإصلاحات المؤسسية وإعادة الهيكلة.وأوضح توفيق أن «المركزي» المصري ظل لفترة طويلة مبقيا على سعر الصرف مع استمراره في رفع أسعار الفائدة، وهذه أخطاء يجب على المحافظ الجديد تداركها، مؤكدا أهمية اتباع سياسة تعويم تدريجي أو مدار، حتى يتم خفض تدريجي للعملة المصرية مقابل الدولار، ليتسنى تنشيط الصناعات المحلية ودعم الاقتصاد المصري.وكان «المركزي» المصري أصدر في فبراير الماضي قرارا بوقف التعامل بمستندات التحصيل في كل العمليات الاستيرادية، في إطار توجيهات حوكمة عمليات الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات التي سيبدأ تطبيقها إلزاميا اعتبارا من بداية مارس المقبل بصورة كاملة، باستثناء 15 سلعة استراتيجية لتخفيف الضغط على احتياطي النقد الأجنبي الذي سجل تراجعا بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها العالمية.ولاقى القرار اعتراضا من عدد من منظمات الأعمال، منها اتحاد الصناعات وجمعية رجال الأعمال المصريين والاتحاد العام للغرف التجارية، بينما تمسك «المركزي» بموقفه من تطبيق القرار، وهو ما دفع العديد من الجهات إلى مخاطبة رئيس مجلس الوزراء المصري ليتدخل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في مايو الماضي، ويقر توجيها باستثناء مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من فتح الاعتمادات المستندية بالبنوك قبل عملية الاستيراد، والعودة إلى النظام القديم من خلال مستندات التحصيل.كما أعلن الرئيس، وقتها، تشكيل مجموعة عمل برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية محافظ البنك المركزي، ووزير المالية، ووزيرة التجارة والصناعة، وجهات الاختصاص الأخرى، للقيام بالمتابعة الدورية والتقييم المنتظم لمنظومة إجراءات الاستيراد ومدى تلبيتها لاحتياجات عملية الإنتاج. وأقرت البنوك في أبريل تعليمات جديدة تمنع قبول موارد النقد الأجنبي غير معلومة المصدر، أو التي يتم الحصول عليها من شركات الصرافة، في العمليات الاستيرادية، وهو ما تسبب في المزيد من الخلافات بين البنك المركزي وقطاع الأعمال.
لماذا يستقيل محافظو البنك خلال العقد الأخير؟
بعد اعتذار طارق عامر عن عدم استكمال مدته في رئاسة البنك المركزي المصري، التي تنتهي في نوفمبر 2023، تطرح تساؤلات عديدة حول أسباب هذه الاستقالة المفاجئة من ناحية، وحول أسباب استقالة ثلاثة محافظين للبنك المركزي المصري خلال السنوات العشر الأخيرة قبل انتهاء مدتهم.وتعتبر استقالة عامر مفاجئة بعد النجاحات التي حققها منذ توليه المنصب في نوفمبر 2015، حيث نفذ مع الحكومة برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، الذي شهد تعويم الجنيه مرتين في نوفمبر 2016، ثم تخفيض نسبي في مارس 2022، ثم الحصول على 3 قروض من صندوق النقد الدولي، الأول لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016 بقيمة 12 مليار دولار لمدة 3 سنوات، والثاني بقيمة 2.77 مليار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، والثالث بقيمة 5.2 مليارات ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.وقالت مصادر خاصة، لـ«العربية.نت»، إن هناك عدة أسباب وراء اعتذار طارق عامر، أو تعرضه لضغوط لتقديم استقالته من منصبه، أهمها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، التي تشهد بعض العقبات نتيجة لشروط الصندوق لإتمام الاتفاق، في مقدمتها ما يتعلق بسعر الصرف وضرورة وجود مرونة أكبر، أو تعويم كامل لسعر الصرف، في حين يعارض عامر هذه الخطوة، نظرا لما قد تحمله من أعباء إضافية على التضخم، كما أن هناك ضغوطا كبيرة من القطاع الصناعي المصري بسبب توقف الاستيراد ومواجهته مشاكل كبيرة، ما أدى إلى إغلاق بعض المصانع.وأكد محللون، لـ«العربية.نت»، أن التصريحات التي صدرت عن نائب محافظ البنك المركزي جمال نجم، منذ يومين، تضمنت إشارة إلى أنه سيكون هناك خفض لقيمة الجنيه، ولكن ليس بصورة كبيرة، مما أدى إلى انتقادات في السوق لأن البنك المركزي يرسم سياسات، ولا يعلنها بهذه الصورة، إضافة إلى أن البعض يعتبر أن سياسات «المركزي» دفعت إلى وجود فارق كبير بين السوق الرسمي وغير الرسمي فيما يتعلق بسعر الصرف.وإضافة إلى اعتذار عامر، شهد منصب محافظ البنك المركزي المصري استقالات مماثلة خلال السنوات العشر الأخيرة؛ أولها كانت من فاروق العقدة في يناير 2013 بعد 9 سنوات قضاها في المنصب، بعد أن أتم إنجاز أكبر عملية إصلاح للجهاز المصرفي المصري، وكانت استقالة العقدة بعد صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة، وتولي الرئيس السابق محمد مرسي رئاسة مصر، حيث شهدت هذه الفترة تراجع مؤشرات الاقتصاد وانخفاضا كبيرا للاحتياطي الأجنبي.وفي عام 2015 تقدم هشام رامز باستقالته، بعد أن واجه انتقادات متزايدة، في وقت تعرض فيه الجنيه المصري للضغط، ونشط السوق الموازي بصورة كبيرة، كما انخفضت احتياطات النقد الأجنبي، من 36 مليار دولار في 2011، إلى 16.3 مليارا في سبتمبر 2015، بما يكفي بالكاد لتغطية 3 أشهر من الواردات.والآن تعيش الأوساط المصرفية حالة من الترقب لإعلان اسم محافظ البنك المركزي المصري الجديد، الذي سيكون أمامه وضع سياسة نقدية تتلاءم مع التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري حاليا، وفي مقدمتها وضع سعر صرف مرن، ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة عبر سياسات حصيفة، إضافة إلى مساعدة القطاع الصناعي على العودة للعمل.