هاجم التيار الصدري في العراق، أمس، اجتماع القوى السياسية الذي عقد برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمقر الحكومة في بغداد، أمس الأول، معتبراً أنه «لم يسفر إلا عن نقاط لا تغني ولا تسمن من جوع»، وداعياً إلى علانية جلسات الحوار، كشرط لمشاركته. وقال صالح محمد العراقي، الملقب بـ «وزير» زعيم التيار مقتدى الصدر، إن «أغلب الحضور في اجتماع الكاظمي، لا يهمه سوى بقائه على الكرسي. ولذا حاولوا تصغير الثورة والابتعاد عن مطالبها».
«وزير الصدر» أضاف في بيانه، أن «الثورة لا تريد من أمثالكم شيئاً سوى التنحي عن كرسي فرضتم تواجدكم عليه بغير وجه حق»، معتبراً أن الاجتماع يهدف إلى «تشكيل حكومة وفق مآرب البعض لكي يزيدوا من بسطتهم وتجذر دولتهم العميقة فيتحكموا بمصير شعب رافض لتواجدهم، فيزوروا الانتخابات ويجعلوها على مقاسهم».وأعرب عن عدم اهتمام التيار الصدري بـ «الجلسة السرية»، لكنه قال «لا تزيدوا من حنق الشعب ضدكم ولا تفعلوا فعلاً يزيد من تخوف الشعب من العملية الديموقراطية التي تخيطونها على مقاسكم».ودعا العراقي لجعل جلسات الحوار علنية من خلال «بثها مباشرة إلى الشعب، إذا كنتم تريدون ملء الكرسي الخالي»، في إشارة إلى المقعد المخصص لممثل التيار الصدري الذي ظهر خالياً في الاجتماع.ولفت القيادي البارز في التيار إلى أن الهدف من بيانه هو أن يطلع الشعب على «ما يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وتسريبات لم يستنكرها أحد إلى الآن مع شديد الأسف».وعن زيارة عمار الحكيم زعيم تيار الحكمة المنضوي في تحالف «الإطار التنسيقي الشيعي»، إلى السعودية، قال العراقي، إنه «من الملفت للنظر أن أحدهم توجه إلى السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات». وتابع: «لو كنا نحن الفاعلون لقالوا: إن جلسة الحوار كانت بضغط من الخارج وإشعار من التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك».في المقابل، وصف «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، الخصم اللدود للصدر، أمس، اجتماع الرئاسات الثلاث مع قادة الكتل السياسية بأنه «كان إيجابياً»، مشدداً في الوقت ذاته على أن تعديل قانون الانتخابات وحل مجلس النواب لا يتم إلا بـ «اتفاق القوى السياسية وتحت قبة البرلمان».وقال النائب عن «دولة القانون» عارف الحمامي، إن «الحوار الوطني كان لقاء إيجابياً لجميع القوى السياسية باستثناء التيار الصدري، وإن الحاضرين في الاجتماع اتفقوا على كل إجراء يكون تحت سقف القانون والدستور، وإن لغة الحوار لا بديل عنها للخروج البلاد من الانسداد السياسي». وتابع الحمامي، أن «هناك تحركاً معروفاً من رئيس تحالف الفتح هادي العامري لحل الأزمة والخروج من الانسداد السياسي».وكانت القوى السياسية المشاركة في الاجتماع، أكدت عقب الجلسة «التزامها الثوابت الوطنية وإيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار، وباعتماد روح الأخوّة والتآزر. وكذلك الحفاظ على وحدة العراق وأمن شعبه واستقراره، وديمومة النظام الديموقراطي الدستوري الذي يحتكم إليه الجميع».وأشارت القوى السياسية خلال اجتماعها، إلى أن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة «ليس حدثاً استثنائياً في تاريخ التجارب الديموقراطية، عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة»، لافتين إلى أن «القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات». ودعت القوى السياسية المشاركة في الاجتماع، التيار الصدري، الذي يعتصم أنصاره بمقر البرلمان منذ أواخر يوليو الماضي، إلى الانخراط في الحوار «لوضع آليات للحل الشامل للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، ووقف كل أشكال التصعيد».ويعيش العراق انسداداً سياسياً منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي، التي فاز فيها التيار الصدري بالعدد الأكبر من المقاعد بـ 74 مقعداً، قبل أن يستقيل نواب كتلته من البرلمان في يونيو، بعد الفشل في تشكيل «حكومة أغلبية وطنية» أو انتخاب رئيس للجمهورية.في هذه الأثناء، انتقد «ائتلاف الوطنية» اجتماع الرئاسات مع قادة القوى السياسية. وقال «الائتلاف» بزعامة إياد علاوي: «عندما يجري الحديث عن حوارٍ وطني فإن هذا الحوار ينبغي أن يتضمن جميع الأطراف الوطنية ولا يقتصر على تلك المتواجدة في السلطة». وأضاف: «لذا نسجل أسفنا واستغرابنا حول غياب أو تغييب شرائح وطنيةٍ مهمة عن الاجتماع، فوجود النقابات والاتحادات وفئات من المتظاهرين السلميين وشيوخ عشائر العموم بالإضافة إلى القوى والشخصيات السياسية الوطنية من هم خارج السلطة أو داخلها كان سيضفي على الاجتماع طابعاً وطنياً أكبر ويخرج بنتائج تفكك العقد ويعمل على إيجاد حلول للازمة الراهنة».
زيارة ونفي
إلى ذلك، بدأ زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أحد أقطاب «الإطار التنسيقي»، الذي يضم فصائل وأحزاب عراقية متحالفة مع إيران، زيارة إلى المملكة العربية السعودية أمس.وفي وقت تحدثت أوساط دبلوماسية عن رغبة «الإطار» في دخول المملكة على خط الأزمة بينه وبين التيار الصدري، نفى عضو تيار «الحكمة» فهد الجبوري، أن تكون الزيارة بهدف اقناع السعودية بلعب دور «الوساطة»، مشيراً إلى أن «الإطار» يرفض أي وساطة خارجية. وتوقعت مصادر أن يلتقي الحكيم بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للرياض.أما بخصوص اجتماع القوى السياسية الذي جرى، أمس الأول، بدعوة من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ذكر الجبوري أن «الإطار ماض بالإجراءات القانونية والدستورية بتشكيل الحكومة وتكليف محمد شياع السوداني بتشكيلها الحكومة وإصرارهم عليه، ومازالت الأبواب مفتوحة للمفاوضات الاخرى».