لجأت القوات الأوكرانية إلى «استراتيجية جديدة» لمواجهة الغزو الروسي، من خلال استهداف المواقع التي تسيطر عليها موسكو داخل أوكرانيا والعمل «خلف خطوط العدو»، وهو ما يؤكد خبراء نجاحه في «منع تقدم القوات الروسية وتكبيدها خسائر متصاعدة».وشهدت مناطق عدة تسيطر عليها روسيا «داخل أوكرانيا وفي عمق الأراضي الروسية»، انفجارات استهدفت «مواقع استراتيجية لقوات موسكو».
في شبه جزيرة القرم، تم الإبلاغ عن انفجارات قرب قاعدة جوية في بيلبيك، على الساحل الجنوبي الغربي قرب سيفاستوبول، مقر أسطول البحر الأسود الروسي.وأعلنت كييف عن ضربات خلف الخطوط الروسية في إقليم خيرسون الجنوبي، بما في ذلك جسر تستخدمه روسيا لإمداد آلاف الجنود على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.وقالت السلطات الروسية في لوغانسك، إن القوات الأوكرانية قصفت المدينة بمنظومات المدفعية الأميركية عالية الدقة من طراز «هيمارس» الأميركية.وفي روسيا، تم إخلاء قريتين بعد انفجارات في مستودع للذخيرة في مقاطعة بيلغورود، قرب الحدود الأوكرانية.ومنذ سيطرة موسكو عليها عام 2014، كانت شبه جزيرة القرم، نقطة انطلاق رئيسية للغزو الروسي، لكنها تعرضت لهجمات عدة أخيراً، نفذ بعضها «مقاتلون أوكرانيون سريون يعملون خلف خطوط العدو».وتعتبر تلك الانفجارات مؤشراً على دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة تستهدف من خلالها كييف القواعد والبنية التحتية الروسية خلف خط المواجهة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».وأعرب خبراء الاستخبارات البريطانية عن اعتقادهم بأن التفجيرات المتكررة خلف الخطوط الروسية ربما تمثل ضغطاً على اللوجستيات الروسية والقواعد الجوية في الجنوب الأوكراني.وأمس أيضاً، استهدف هجوم بطائرة مسيّرة تم تحميل القوات الأوكرانية مسؤوليته، مقر الأسطول الروسي في البحر الأسود في سيباستوبول «من دون تسجيل إصابات بالأرواح أو أضرار بالغة»، على ما أفاد حاكم المدينة الواقعة في شبه جزيرة القرم ميخائيل رازفوزجايف.
روسيا تعاني
ويقول مسؤولون غربيون، إن الضربة الأوكرانية في شبه جزيرة القرم أوقفت أكثر من نصف طائرات الأسطول الروسي في البحر الأسود، وأخرجت العمليات عن مسارها وفرضت «ضغطاً نفسياً كبيراً» على القادة في موسكو.وفي سياق متصل، قالت الدبلوماسية الأميركية السابقة المتخصصة في شؤون الأمن القومي، باولا جيه دوبريانسكي، إن الضربات في شبه جزيرة القرم «عملية ورمزية على حد سواء، وتهدد خطوط الإمداد الروسية، وتؤكد ضعف قبضة موسكو على شبه جزيرة القرم».من ناحيته، اعتبر الأستاذ المشارك للتاريخ الدولي في «مدرسة فليتشر» بجامعة «تافتس»، كريستوفر ميلر، إن «الضربات قد تمثل استراتيجية متعمدة لتعطيل الخدمات اللوجستية وخطوط الإمداد الروسية، وكذلك إعادة الحرب إلى جدول الأعمال السياسي المحلي الروسي». وأشار إلى أن «روسيا كانت تعتقد أن شبه جزيرة القرم قضية مغلقة وأنها فرضت سيطرة كاملة عليها، لكن ذلك تغير الآن».ويأتي هجوم الأمس، بعد إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس الأول، عن الحزمة الـ 19 من المساعدات العسكرية المخصصة لأوكرانيا بقيمة 775 مليون دولار بهدف مساعدة كييف على قلب المعادلة على الأرض واستعادة الأراضي التي احتلتها القوات الروسية منذ بدأ الغزو في 24 فبراير.مقاومة وتلوّث
تأتي تلك العمليات لتسلط الضوء على أنشطة ما يعرف رسميا باسم «المقاومة الوطنية»، والذين يطلق عليهم الأوكرانيون اسم «الثوار». وتتكون تلك القوات من «جنود مدربين ومتعاطفين محليين»، وتهدف أنشطتها إلى تعطيل القدرات اللوجستية والقيادية والإدارية لروسيا، وفقا لتقرير سابق لـ»واشنطن بوست».من جهة أخرى، وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن ترسل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى محطة زابوريجيا النووية الأوكرانية، الأكبر في أوروبا.وحذر بوتين خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون من أن «القصف المنهجي لمنطقة محطة زابوريجيا للطاقة النووية يثير مخاطر وقوع كارثة واسعة النطاق يمكن أن تؤدي إلى تلوث إشعاعي في مناطق شاسعة».«هجوم وحشي»
وبعد ساعات من الاتصال الهاتفي، اتهم ماكرون بوتين بشن «هجوم وحشي» على أوكرانيا فيما وصفه بـ «انتهاك استعماري انتقامي للقانون الدولي».وقال ماكرون في كلمة لمناسبة الذكرى السنوية 78 لإنزال الحلفاء في جنوب فرنسا، الذي كان النازيون يحتلونه خلال الحرب العالمية الثانية،»منذ أن شن بوتين هجومه الوحشي على أوكرانيا، عادت الحرب إلى الأراضي الأوروبية، على بعد ساعات قليلة منا».وأضاف ماكرون أن بوتين يسعى إلى فرض «إرادته الاستعمارية» على أوروبا، مستحضراً «أشباح روح الانتقام» في «انتهاك صارخ لسلامة الدول».وحذر ماكرون المواطنين الفرنسيين من أن أزمة الطاقة والأزمة الاقتصادية الناتجتين عن الحرب واللتين تواجهان أوروبا لم تنتهيا بعد، واصفاً إياهما بأنهما «ثمن حريتنا وقيمنا».في السياق، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة تعليق شحنات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب الغاز «نورد ستريم 1» لمدة 3 أيام من 31 أغسطس إلى 2 سبتمبر بهدف «الصيانة». ويزيد هذا القرار المخاوف من حدوث نقص في الطاقة في أوروبا حيث تُتهم موسكو بالابتزاز على هذا الصعيد.