الديموقراطية مهددة عالمياً... والاستبداد وصل إلى ذروته
استغلال للاستقطاب العرقي والديني... والشعبوية ترسخت بالتضليل والخطاب القومي
على وقع موجة تحولات سياسية هي الأسوأ من أي وقت مضى في القرن الماضي، دقّ المعهد السويدي للمراقبة (V-Dem) ناقوس الخطر للتحذير من أن الديموقراطيات الراسخة والهشّة تتعرّض للتهديد؛ على حد سواء، في عالم يشهد تحولاً ممنهجاً إلى الاستبداد، مع وصول المزيد من مستغلي ذرائع الاستقطاب الديني والعرقي للسلطة وترسيخ الشعبوية الحاكمة بالتضليل والخطاب القومي.وفي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، نبّه المعهد إلى أن «الولايات المتحدة ليست وحدها في مواجهة الضغط على قواعدها ومؤسساتها الديموقراطية». وذكّر بأحداث أدت إلى الانحدار في تركيا وبولندا والسلفادور وفنزويلا وتشيكيا وسلوفينيا، من دون ذكر أي دولة عربية.ووفق «نيويورك تايمز»، فإن «المزيد من الديموقراطيات آخذة في الانحدار، وتصل إلى الاستبداد، أكثر من أي وقت مضى في القرن الماضي». وتظهر البيانات أن «هذا الاتجاه، المستمر منذ أكثر من عقد من الزمان، يبدو أنه يتسارع، ويؤثر على الديموقراطيات الراسخة والهشة على حد سواء في جميع أنحاء العالم».
ويرصد التقرير بعض الأحداث والتطورات التي حصلت في عدة دول حول العالم، وتبين كيفية «انحدار الديموقراطية». ورغم اعتبار كينيا واحدة من أقوى الديموقراطيات في إفريقيا، إلا أنها واجهت اضطرابات دورية. استغل فيها السياسيون أحيانا الاستقطاب على أسس عرقية وجغرافية، لا سيما أثناء الانتخابات. وقد أدى ذلك إلى أزمات في تداول السلطة، وإلى عنف طائفي أو هجمات على مؤسسات حكومية مثل المحاكم. وفي سريلانكا، باتت الديموقراطية المتعددة الأعراق والمتنوعة دينيا موضع تساؤل منذ أن تولى شقيق ماهيندا راجاباكسا، وهو رجل قوي سابق، السلطة في انتخابات 2019. لطالما واجهت عائلة راجاباكسا اتهامات بإساءة استخدام السلطة وتشويه سمعة الأقليات، مما أثار مخاوف من عودة سريلانكا إلى الحكم المطلق، إلى أن بلغت التظاهرات بسبب القضايا الاقتصادية ذروتها باقتحام القصر الرئاسي.وفي المجر، أعلن رئيس الوزراء فيكتور أوربان عام 2014 أن «الدولة الجديدة غير ليبرالية». ومنذ ذلك الحين، أعاد أوربان، الذي يصور نفسه على أنه في طليعة اليمين الشعبوي العالمي، تنظيم المحاكم والدستور وقواعد التصويت بطرق عززت حكمه. كما استخدم وسائل الإعلام الحكومية والخاصة ضد المعارضين، وروّج للتضليل والخطاب القومي.ولطالما انتقد الرئيس البرازيلي اليميني المتطرّف، جايير بولسونارو، المؤسسات الديموقراطية ووصفها بأنها فاسدة. كما تحدث باعتزاز عن الدكتاتورية العسكرية، التي حكمت من 1964 إلى 1985. ويشكك بولسونارو بالفعل في شرعية السباق الرئاسي خلال أكتوبر المقبل، حتى أنه استعان ببعض القادة العسكريين لإثارة الشكوك حول نزاهة التصويت.وشهدت السنوات الـ 6 التي قضاها، رودريغو دوتيرتي، رئيسا شعبويا للفلبين سجن خصوم سياسيين وصحافيين ناقدين، وانتشار واسع النطاق للمعلومات المضللة المؤيدة له، وموجة من عنف الشرطة الأهلية التي خلفت آلاف القتلى، وحصل على دعم من قاعدته رغم تجاوزاته. وبعد ترك منصبه، انتخب الفلبينيون فرديناند ماركوس الابن رئيساً، تخشى الجماعات الحقوقية أن يعود إلى أسلوب والده الدكتاتور السابق.وفي عهد رئيس وزراء الهند اليميني، ناريندرا مودي، منذ عام 2014، نمت بشكل حاد القومية الهندوسية المتطرفة، وأدت إلى انقسام في المجتمع. وواجه المسلمون البالغ عددهم 200 مليون التهميش السياسي، وفي كثير من الحالات، العنف الديني المميت، ويتعرض الصحافيون الناقدون لضغط متزايد من الحكومة ووسائل الإعلام القومية.