قبل أيام، زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي منطقة تايوان الصينية رغم المعارضة الشديدة وإثارة الموضوع بشكل مهيب من قبل الجانب الصيني، الأمر الذي يعتدي بشكل خطير على سيادة الصين ووحدة أراضيها ويثير غضباً شديداً من الشعب الصيني، ولكن قامت بعض وسائل الإعلام والعلماء الغربيين بتضخيم ما يسمى بـ «مبالغة الصين في ردود فعلها» و«قيام الصين بالتدريبات العسكرية من أجل تمهيد الطريق لغزو تايوان»، الأمر الذي يخلط الحق بالباطل ويضلل الجمهور، فبهذه المناسبة، من الضروري أن أكشف عن الحقائق لأصدقائي الكويتيين لتوضيح طبيعة مسألة تايوان.
ما هي طبيعة مسألة تايوان؟
مثل جزيرة بوبيان للكويت، كانت تايوان بصفتها أكبر جزيرة في الصين جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الصينية منذ زمن طويل، حيث أثبت ذلك العديد من الكتب والوثائق التاريخية. في عام 1895، شنت اليابان حرباً عدوانية ضد الصين، حيث أجبرت حكومة تشينغ على التنازل عن تايوان. كما أشار إعلان القاهرة 1943 وإعلان بوتسدام 1945 بوضوح على ضرورة إعادة تايوان إلى الصين، وتمت استعادة تايوان إلى الأراضي الصينية من جديد في 25 أكتوبر 1945. في الفترة ما بين 1945 و1949، اندلعت الحرب الأهلية في الصين، وفر حزب الكومينتانغ إلى تايوان بعد هزيمتها، وأسست سلطة محلية حتى يومنا هذا. ووقع جانبا مضيق تايوان في حالة خاصة من المواجهة السياسية الطويلة المدى، ونشأت مسألة تايوان. لذلك، فإن مسألة تايوان هي إرث من الحرب الأهلية للصين ومن شؤون الصين الداخلية البحتة. وعلى الرغم من أن جانبي المضيق لم يتم توحيدهما بعد، إلا أن حقيقة انتماء كل من البر الرئيسي وتايوان إلى صين واحدة لم تتغير أبداً. ولن تكون تايوان دولة مستقلة، بل هي جزء لا يتجزأ من الصين، يجب أن تعود لتحقيق توحيد الوطن، فمن أين يأتي «الغزو»؟هل وفت الولايات المتحدة بوعودها؟
يعتبر مبدأ الصين الواحدة توافقاً عاماً لدى المجتمع الدولي، كما أنه يشكل مكوناً من النظام الدولي السائد بعد الحرب العالمية الثانية، وقد تم التأكد من ذلك في القرار رقم 2758 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأقامت 181 دولة علاقات دبلوماسية مع الصين على أساس مبدأ الصين الواحدة. وقد تعهدت الولايات المتحدة بوضوح في بيان إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة عام 1979 بأن» الولايات المتحدة الأميركية تعترف بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية الحكومة الشرعية الوحيدة للصين. وفي هذا السياق، سيُبقى الشعب الأميركي على العلاقات الثقافية والتجارية والعلاقات الأخرى غير الرسمية مع أهل تايوان». لكن، يقول الجانب الأميركي شيئاً ويفعل شيئاً آخر في مسألة تايوان؛ فبعد إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين، أصدر الجانب الأميركي «قانون العلاقات مع تايوان» وما يسمى بـ«الضمانات الستة» من جانب واحد ليؤازر ويدعم ممارسة «إزالة الطابع الصيني» و«استقلال تايوان بالتدرج». في السنوات الـ 43 الماضية، باعت الولايات المتحدة أسلحة إلى تايوان قيمتها 70 مليار دولار أميركي، حيث تتحدى وتستفز الخط الأحمر للصين خطوة بخطوة. إن الكونغرس الأميركي باعتباره جزءاً من الإدارة الأميركية، ومن المفروض أن يلتزم التزاماً صارماً بسياسة الصين الواحدة التي تتبعها الإدارة الأميركية، ولا يجري أي تبادل رسمي مع منطقة تايوان الصينية. رغم ذلك، قامت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بزيارة منطقة تايوان الصينية وهي الشخص الثالث في ترتيب الإدارة الأميركية، الأمر الذي يخالف بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة، ويبعث برسالة خاطئة خطيرة إلى القوى الانفصالية لـ«استقلال تايوان»، ويعتدي بشكل خطير على سيادة الصين ووحدة أراضيها.وفي الوقت نفسه، تجاهلت G7 استفزاز الولايات المتحدة، بل اتهمت الصين بلا أساس. ويشدد البعض على سيادة الدولة وسلامة أراضيها في القضية الأوكرانية، ولكنهم ينتهكون الخط الأحمر للصين في مسألة تايوان، هذا معيار مزدوج على الإطلاق.هل بالغت الصين في ردود فعلها؟
تقوم الصين بتدريبات عسكرية عادية في المياه المحيطة بإقليمها، بطريقة مفتوحة وشفافة ومهنية، ممتثلة للقانون المحلي والقانون الدولي والممارسات الدولية الراسخة، وتلك التدريبات ليست مجرد تحذير للمحرضين، ولكنها أيضاً خطوة مشروعة لحماية سيادة الصين ووحدة أراضيها.في السنوات الأخيرة، تشعر بعض الدول بالغيرة من تنمية الصين وتقوم بلعب تكتيكات «تقطيع السلامى» في مسألة تايوان، وذلك من خلال أشكال مختلفة مثل زيارات الكونغرس وغيرها لاختبار الصين، مما يعد تدخلاً في شؤون الصين الداخلية باستغلال تايوان. يقوم هؤلاء النواب بـ «صب الزيت على النار» في مسألة تايوان تحت شعار «السلام»، ويؤازرون ويدعمون القوى الانفصالية لـ«استقلال تايوان» لتصعيد التوتر عبر مضيق تايوان. إذا لم تتخذ الصين تدابير مضادة بحزم وسمحت بتكثيف هذا التوجه غير الصحيح الذي ينحدر بشكلٍ سيئ فأسوأ، فإن مضيق تايوان سيصبح حقًا برميل بارود، وسيضر مصالح ورفاهية أشقاء تايوان والسلام والاستقرار في المنطقة. ومن ناحية أخرى، لا تدافع الصين عن مصالحها فحسب، بل تدافع أيضاً عن المبدأ «الذهبي» للعلاقات الدولية المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإذا لم تكن الصين حازمة في هذه القضية، فستتعامل بعض الدول بشكل أكثر استهتاراً وتتنمر على الدول الأخرى، خصوصا الدول الصغيرة والمتوسطة الحجم، وسيعود العالم إلى ما يسوده قانون الغاب، إننا لن نسمح حدوث ذلك. إن الجانب الصيني يثمن صوت العدالة من أكثر من 170 دولة والمنظمات الدولية بما فيها الكويت الصديقة والتي أكدت مجددا على الالتزام بمبدأ الصين الواحدة وتأييد جهود الصين الحازمة من أجل الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، يدل ذلك على أن الأغلبية من الدول في العالم تقف مع الجانب الصيني. إن كل المواطنين على جانبي مضيق تايوان هم من الشعب الصيني، ونحن نسعى جاهدين من أجل أفق إعادة التوحيد السلمي بأقصى قدر من الإخلاص والجهود، لكننا لن نسمح إطلاقا لتايوان بالانفصال عن الصين. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الدول المحبة للعدالة والسلام من أجل مقاومة كل محاولة غامرة لتقسيم الصين وتخريب السلام في مضيق تايوان.