اتهمت إيران القوى الغربية باستفزازها عبر «مطالب متغطرسة» بملفها الذري، معتبرة أن الولايات المتحدة تماطل في محادثات إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 التي تخوضها طهران مع القوى الكبرى في فيينا منذ 16 شهراً.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أمس، إن طهران تريد «اتفاقاً دائماً يحفظ حقوقها المشروعة»، مشيراً إلى أن «التسويف الأميركي والصمت الأوروبي وضغوط المتطرفين جعلت المفاوضات استنزافية».

Ad

وتابع: «إيران متمسكة بثوابتها وجادة، ودائماً رحبت بمسار المفاوضات، وأكدت رغبتها في إحياء الاتفاق، من دون أن تحيد عن خطوطها الحمر. ولن نقبل بالمفاوضات الاستنزافية».

وأوضح أن إيران والأطراف الأخرى ما زالت «في مرحلة التفاوض» بالمفاوضات النووية، مشيراً إلى أن «المواضيع المتبقية قليلة كمّاً، لكنّها مواضيع مهمة يجب اتخاذ القرار بشأنها».

وأكد كنعاني أنه إذا ردت الولايات المتحدة على اقتراح إيران بشكل سلبي، فستمضي طهران قُدماً في خطتها البديلة، وتابع: «خطتنا البديلة هي مواصلة سياستنا الخارجية الحالية بتصميم جاد، بغضّ النظر عن محادثات إحياء الاتفاق النووي».

رسائل إقليمية

وأطلق المتحدث الإيراني عدة رسائل بشأن علاقة بلاده بالقوى الإقليمية اتسمت بالتصالح، ووصف التصريحات التركية الأخيرة حول إمكانية إحياء قنوات الاتصال الدبلوماسي مع الحكومة السورية بالمشجعة.

وبشأن الحوار السعودي - الإيراني في بغداد، والذي ينتظر جولته السادسة، قال كنعاني في معرض رده على سؤال عمّا إذا كان هذا الحوار مرتبطاً بالمفاوضات النووية، إن «الحوار مع السعودية يشمل القضايا والمواضيع الثنائية، ولا علاقة له بالمفاوضات».

وأكمل أن الحوار مع السعودية يهدف إلى استئناف العلاقات لتأمين مصالح الطرفين، مشيراً إلى «وجود خلافات ومواضيع معقّدة» بينهما، لكنّه قال إن «الحوارات حتى الآن كانت إيجابية، واستئناف العلاقات لن يحدث بين يوم وليلة، وما يهم أن هناك إرادة سياسية من طرفنا، ولمسنا خطوات مشابهة من الطرف السعودي».

وأعرب عن أمله في أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق قريباً، لاتخاذ خطوات عملية باتجاه استئناف العلاقات، مؤكداً أن التعاون الإيراني - السعودي يصب في مصلحة الاستقرار بالمنطقة.

جاء حديث كنعاني عن فصل مسار الحوار مع السعودية عن مفاوضات فيينا، بعد كشف مصدر إيراني مطلع لـ «الجريدة» أن واشنطن اشترطت معالجة طهران لخلافاتها الإقليمية عبر مفاوضات ثنائية خلال مدة زمنية تمهيدية تمتد لـ 120 يوماً بعد التوقيع على التفاهم المرتقب لإحياء الاتفاق النووي.

في السياق، رأى المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، أن قرار بلاده إعادة السفير الإماراتي إلى طهران يأتي ضمن توجه أبوظبي الإقليمي نحو «ترميم الجسور لخلق مناخ من الثقة والتفاهم والتعاون بالمنطقة».

رد وحرب

في غضون ذلك، قال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس، إن الرد الإيراني على مسودة الاتفاق النووي التي قدّمها الاتحاد «كان معقولاً».

وأضاف: «قدمتُ اقتراحاً بوصفي منسقاً للمفاوضات، وهناك رد من إيران اعتبرته معقولاً. تم نقله إلى واشنطن التي لم ترد رسمياً بعد».

ويأتي هذا غداة إعلان البيت الأبيض أن زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ناقشوا جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران. وأشار البيت الأبيض إلى أن الاتصال الهاتفي بحث «الحاجة إلى تعزيز دعم الشركاء في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة لردع وتقييد أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار».

في هذه الأثناء، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس من رد فعل إسرائيل في حال هددتها إيران أو اقتربت من امتلاك سلاح نووي، قائلاً: «لا نستبعد شن هجوم على إيران إذا اقتضت الضرورة».

وجدد غانتس معارضة بلاده لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018، معتبرا أن الاتفاق الأصلي مع إيران «يشوبه الكثير من الثغرات».

كما تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي عن الخلاف حول الحدود البحرية مع لبنان، مؤكداً أن «إسرائيل أعلنت أنها ستحمي مواردها ومستعدة للتوصل إلى اتفاقات مع الحكومة اللبنانية». لكنه لوّح بشن حرب على لبنان، وقال إنه يأمل ألا «يجرّ حزب الله إسرائيل إلى صراع مسلح»، بعد تهديده بمهاجمة منصات استخراج الغاز البحرية.

وبشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، شدد غانتس على رفضه لرؤية دولة ثنائية القومية، لافتاً إلى أن «أولئك الذين يرون دولتين لشعبين كحل للصراع يعيشون في وهم». وقال: «ومن يظن أنه لن يكون هناك عرب في يوم من الأيام بالضفة الغربية يعيش في وهم أكبر». ويأتي ذلك غداة تأكيد قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي أن بلده تقوم بتسليح الضفة الغربية المحتلة لتدخل المواجهة إلى جانب غزة ضد الإسرائيليين. ومن شأن الفشل في المفاوضات النووية أن يزيد خطر اندلاع حرب إقليمية جديدة بين إسرائيل وإيران، أو من حدة المواجهة غير المباشرة بينهما في سورية ولبنان والأراضي الفلسطينية.