سفارات لبنان بلا أوراق... ولا رواتب للدبلوماسيين
لم تترك الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان التي صنّفها البنك الدولي بـ «الأشد» منذ 10 سنوات، قطاعاً إلا واقتحمته، فتداعيات انهيار قيمة الليرة في مواجهة الدولار، والذي يقترب من عتبة 35 ألفاً في السوق السوداء، لا تزال مستمرة.ففي وقت أعلن القضاة الإضراب المفتوح احتجاجاً على تردّي وضعهم المادي وتراجع قيمة البدلات، فضلا عن «الحال المزرية التي وصلت إليها مباني قصور العدل والمحاكم، وانقطاع التيار الكهربائي والمياه والخدمات عنها بشكل بات يعيق عمل القضاء وتحقيق العدالة»، يبدو أن السلك الدبلوماسي في الخارج لن يتأخّر في الاعتكاف وربما إعلان الإضراب أيضاً، شأنه شأن موظفي القطاع العام، كرسالة احتجاج على ما وصلت إليه أحوالهم نتيجة الانهيار المتواصل.وكان لافتاً التعميم الذي وزّعته وزارة الخارجية إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بتاريخ 18 الجاري تطلب فيه التوقّف عن دفع «درجات فوق القمة» للموظفين والاستعاضة عنه براتب الدرجة الأولى، وذلك استكمالاً لتدابير التقشّف الخاصة بنفقات كل بعثة على حدة.
والمقصود بمصطلح «درجات فوق القمة»، الزيادة على الراتب التي يتقاضاها كل موظّف في البعثات الدبلوماسية خارج لبنان بشكل ثابت كلما تدرّج في العمل. وفي الإطار، أوضح مصدر دبلوماسي لـ «العربية»، أمس، «أن هذه الإجراءات التقشّفية ليست جديدة، وسبق أن بدأ تطبيقها في البعثات الخارجية منذ بداية العام، نتيجة تخلّف مصرف لبنان عن تحويل الأموال».كما لفت إلى «أن معظم السفارات خفّضت نفقاتها التشغيلية بمعدل 25 بالمئة منذ بداية العام، وهذا التخفيض تُرجم بنقل مكاتب تابعة للسفارات من منطقة إلى أخرى أقلّ كلفة بأسعار الإيجارات، وعدم ملء الشواغر في السفارات، بسبب عجز مصرف لبنان عن دفع كلفتها، وتخفيض الرواتب».وفي مشهد يعكس حجم الأزمة المالية التي تُعانيها البعثات الدبلوماسية، كشف المصدر «أن بعض السفارات لا يوجد فيها قرطاسية من أوراق وحبر، لأنّ وزارة الخارجية عمّمت على الموظفين بطلب من مصرف لبنان اتّباع سياسة التقشّف للحدّ من النفقات».كما كشف أنه «منذ 3 أشهر والسفراء والبعثات لم تتقاضَ مستحقاتها، لتخلّف مصرف لبنان عن تحويل الرواتب وتم إبلاغ الدبلوماسيين بأن إجراءات التقشف ستطول الرواتب. كما أوضح أن «الدبلوماسيين لم يتقاضوا رواتبهم منذ بداية العام».وأكد المصدر «أن الدولة ستكون أمام واقع جديد مع بعثاتها ابتداءً من منتصف الشهر المقبل، حيث إن ما تبقى من أموال في السفارات لدفع النفقات التشغيلية، سينفد».