تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمواصلة الاتحاد الأوروبي دعمه لأوكرانيا، في وقت يسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لاستضافة لقاء يجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، «في موعد ليس ببعيد»، بهدف إيجاد حل جذري للحرب بين البلدين.

ووعد ماكرون، في خطاب عبر الفيديو أمام المشاركين في مؤتمر «منصة القرم» بكييف، أمس، أن يتواصل دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بمواجهة الغزو الروسي «على الأمد الطويل».

Ad

وقال: «يعد عدم الاستقرار الذي طرأ على النظام الدولي والاضطرابات التي أعقبت ذلك على المستوى الإنساني، من ناحية الطاقة والغذاء، عواقب خيار اتّخذته روسيا وحدها بمهاجمة أوكرانيا في 24 فبراير».

وتابع: «لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف أو روح تنازل في مواجهة ذلك، لأن الأمر مرتبط بحريتنا، من أجل الجميع، وبالسلام في كل مكان حول العالم».

وفي كييف، أعاد الرئيس البولندي أندريه دودا التأكيد لنظيره الأوكراني العزم على مساعدته لمواجهة الغزو، لا سيّما من خلال فرض عقوبات على موسكو.

وفي طوكيو، طلب رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، من الحكومة الاستمرار في تقديم الدعم لأوكرانيا وفرض العقوبات على روسيا، من خلال التنسيق الوثيق مع شركاء مجموعة الدول السبع الآخرين.

استثمار تركي

إلى ذلك، تروّج أنقرة لنجاحها الأخير في التوسط في صفقة لتحرير الحبوب المحاصرة في الموانئ الأوكرانية كسبب وجيه لحملها على المحافظة على علاقات وثيقة مع روسيا، وهو ما يعتبره خبراء «استثماراً» يقوم به إردوغان، للأزمة القائمة بسبب الحرب على أوكرانيا.

ويقول تقرير لموقع صوت أميركا إن هذه العلاقات تتعمق أكثر مع دعوة بوتين الزعيم التركي لحضور اجتماع للتحالف الأمني الروسي ـ الصيني الشهر المقبل.

ومنذ الاتفاق الذي أبرمت فيه تركيا بوساطة الأمم المتحدة مع روسيا وأوكرانيا في يوليو تم تصدير أكثر من 600 ألف طن متري من الحبوب من الموانئ الأوكرانية.

وخلال زيارته الأخيرة لإسطنبول أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن أنقرة لعبت «دوراً محورياً» في تأمين اتفاق تصدير الحبوب.

ومع تزايد أعداد السفن التي تغادر الموانئ الأوكرانية، تصور أنقرة الاتفاق على أنه تبرير لسياستها المتمثلة في المحافظة على علاقات وثيقة مع موسكو.

وقالت المحللة السياسية إلهان أوزغل من بوابة «دوفار» الإخبارية «انتزع إردوغان دوراً دبلوماسياً، وأظهر للغرب أن تركيا يمكن أن تكون لاعباً مفيداً في هذه المنطقة، مما يخفف من الآثار السلبية لأزمة الغذاء على مستوى العالم». وأضافت: «لذلك، فهو يلعب هذه الورقة محلياً ودولياً كما فعل من قبل في كثير من الحالات».

وفي الشهر الماضي، التقى إردوغان مع بوتين مرتين، رغم جهود الحلفاء الغربيين لنبذ الزعيم الروسي. كما ترفض أنقرة فرض عقوبات غربية على روسيا.

وفي خطاب للشعب عقب ترؤسه اجتماعاً للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة، قال الرئيس التركي، أمس الأول، إن بلاده تسعى لاستضافة لقاء يجمع بوتين وزيلينسكي، «في موعد ليس ببعيد»، بهدف إيجاد حل جذري للحرب بين البلدين. ولفت إلى أن الجميع شاهد الجهود التي بذلتها تركيا في سبيل نزع فتيل الحرب بين البلدين قبل وقوعها، ومساعيها لإحلال السلام عقب اندلاع الحرب.

وذكر أن تأسيس آلية شحن الحبوب الأوكرانية التي من شأنها منع أزمة حبوب عالمية، تم بفضل جهود تركيا.

الوضع الميداني

ميدانياً، وبعد الأضرار الجسيمة التي لحقت بعدد من الجسور التي تربط مدينة خيرسون بالشرق الأوكراني، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، أن القوات الروسية بدأت ببناء جسر عائم فوق نهر دنيبرو في خيرسون إلى جوار جسر أنتونيفسكي الذي لحقت به أضرار بالغة، لربط المنطقة بشرق البلاد التي تسيطر عليها موسكو.

من ناحية أخرى، أفادت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أمس، بأن روسيا نفذت ضربات مدفعية وجوية في منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا، حيث أثار القتال بالقرب من أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا مخاوف من وقوع حادث نووي كارثي.

وقال سكان بالقرب من المحطة النووية، إنهم قلقون من العواقب الوخيمة المحتملة إذا ما أصابتها القذائف، مشيرين إلى أن «الأمر أشبه بالجلوس على برميل بارود».

وتأتي الهجمات قبل يوم من الاحتفال بذكرى استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي والتي تصادف اليوم.

كما حذرت السفارة الأميركية بكييف، في بيان، من خطط روسية لضرب البنية التحتية المدنية والحكومية في الأيام المقبلة، داعية المواطنين الأميركيين إلى «مغادرة أوكرانيا اعتبارًا من الآن».

يأتي ذلك، بعدما قال مسؤول أميركي، إن الولايات المتحدة لديها معلومات مخابراتية تفيد بأن روسيا تخطط لشن هجمات جديدة على البنية التحتية المدنية والمنشآت الحكومية، وعلى المدنيين في أوكرانيا، قريبا.

جنازة دوغينا

وبينما شارك أمس، المئات في موسكو بجنازة داريا دوغينا، ابنة المفكّر القومي المتشدد المؤيد للكرملين ألكسندر دوغين، التي اغتيلت بانفجار عبوة ناسفة وضعت بسيارتها، في عملية تتهم روسيا الاستخبارات الأوكرانية بتدبيرها، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، أن بلاده ستتعامل «بلا رحمة» مع المسؤولين عن مقتل دوغينا.

وقال في مؤتمر صحافي بموسكو «نأمل أن يتم استكمال التحقيق قريباً. بناء على نتائج هذا التحقيق، لا يمكن أن تكون هناك أي رحمة تجاه أولئك الذين نظّموا وأصدروا الأوامر ونفّذوا عملية التفجير».

وتنفي أوكرانيا أيّ علاقة لها بعملية الاغتيال هذه.