أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر أن القضية الفلسطينية هي الأولى بالنسبة إلى الكويت، وقضية عقيدة وانتماء، وقضية إنسانية وأخلاقية، مشيراً إلى عمق العلاقات التاريخية بين الكويت وفلسطين وشعبيهما الشقيقين.

جاء ذلك خلال استقبال الصقر في الغرفة ، أمس، وفد صندوق ووقفية القدس برئاسة رئيس مجلس أمناء الصندوق، الأمير تركي الفيصل، ورئيس مجلس إدارة الصندوق منيب المصري، بحضور عدد من أعضاء مجلس إدارة «الغرفة»، ومنتسبيها من الشركات الكويتية.

Ad

وذكر الصقر أن «الغرفة» تقف دائماً موقف الداعم لفلسطين وشعبها على جميع الصعد مالياً وبحثياً وإعلامياً، مؤكداً أنها تعاونت مراراً مع الهلال الأحمر الكويتي لتقديم المساعدات الإنسانية والتعليمية، ومنها المساهمة في إعادة إعمار حي الشيخ جرّاح بعد تعرّضه للعدوان السنة الماضية.

وقال إن «الغرفة» تثمّن عالياً إنشاء الصندوق الوقفي الخيري باسم الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، في مدينة القدس، مؤكدا أنها ستستضيف في نوفمبر المقبل اجتماعين لكل من مجلس إدارة اتحاد الغرف الخليجية، واتحاد الغرف العربية، حيث سيتم عرض موضوع دعم صندوق وقفية القدس.

وأضاف: «من لزوم ما لا يلزم أن أرحّب بالضيوف الأعزاء وهُم في بلدهم وفي دارهم، وسيكون أشبه ببيع الماء في حي السُّقاة أن أتكلم عن القدس ومكانتها في تاريخنا ووجداننا وعقيدتنا، وعن مأساتها ومعاناة أهلها، فنحن في حضرة من هم مرجعنا في هذا وذاك، فكراً وعملاً».

وأردف: «لن أتحدث عن صندوق ووقفية القدس كمؤسسة تنموية متخصصة بشؤون القدس وتكريس هويتها وتعزيز صمودها، إذ لا يُفتى ومالك في المدينة، وأهل القدس والعاملون من أجلها أدرى بشؤونها وشجونها، ولكن أرجو أن تسمحوا لي بالتقديم لحديث ضيوفنا الأعزاء بخواطر ثلاث تنبثق من أبعاد ثلاثة:

أولاً، كمواطن كويتي، أقول إن القضية الفلسطينية - وبالتالي - قضية القدس هي بالنسبة إلى الكويت شعباً وحكماً وحكومة ما زالت ومنذ أربعينيات القرن الماضي، قضية عقيدة وانتماء، وقضية إنسانية وأخلاقية، وأكاد أقول قضية وطنية بقدر ما هي قضية فلسطينية وعربية.

ثانياً، وكرجل مهتم ومهموم بأوضاع أمته أقول؛ إنه بالرغم من النكبات العديدة والشديدة التي تتابعت على العالم العربي في العقدين الأخيرين، فإن قضية فلسطين ستبقى هي القضية العربية الأم، لأنها القضية التي لا تزال المحرك الأساس وراء معظم أحداث المنطقة، ولأنها ما زالت، بشكل أو بآخر، مؤثرة بكل الدول العربية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

ثالثاً، وكرئيس لغرفة تجارة وصناعة الكويت، أشعر باعتزاز كبير بأن هذه الغرفة - بكل ما تمثله ومَن تمثله - كانت دائماً في طليعة الجهات الداعمة للقدس وأهلها، وفلسطين وشعبها، مالياً وبحثياً وإعلامياً، ولعلّها الغرفة الوحيدة التي أصدرت طابعاً مالياً على معاملاتها خُصص ريعه لفلسطين، كما تعاونت مراراً مع الهلال الأحمر الكويتي لتقديم المساعدات الإنسانية والتعليمية، وكان آخر نماذج هذا التعاون المساهمة في إعادة إعمار حي الشيخ جراح، بعدما تعرّض له السنة الماضية من عدوان».

وتابع الصقر: «بعد هذه الخواطر الملحَّة، أكرر الإعراب عن سعادتنا بلقاء سمو رئيس مجلس الأمناء، وسعادة رئيس مجلس الادارة وممثلي صندوق ووقفية القدس، وممثلي البنك الإسلامي للتنمية».

من جانبه، أعرب الأمير تركي الفيصل عن امتنانه وتقديره لحُسن الاستقبال، معبّراً عن سعادته بهذه الزيارة، وموضحاً أنها تأتي عقب الانتهاء من تأسيس صندوق تمكين القدس لدى البنك الإسلامي للتنمية كمؤسسة دولية مالية تضمن أعلى معايير الشفافية والحاكمية.

وأوضح الفيصل أن الهدف من هذه الزيارة هو عرض تفاصيل الصندوق، وبحث سبل تشجيع ودعم الاستثمار الوقفي بمدينة القدس، مؤكدا اهتمامه باستقطاب المستثمرين وإطلاعهم على الفرص الاستثمارية لتحقيق ما تحتاجه مدينة القدس من مشروعات وخدمات.

وقال: نتشرف بحضورنا لتقديم وثيقة ملكية مبرّة الشيخ صباح الأحمد في مدينة القدس، والتي قام بها أبناء القدس، عرفاناً لجميل الشيخ صباح الأحمد ولدولة الكويت لدعم الشعب الفلسطيني، كما يسعدني وجود حفيد الشيخة د. سعاد الصباح، التي كانت أول متبرعة لوقفية القدس عندما اجتمعنا في الكويت منذ عدة سنوات.

صندوق تمكين القدس

خلال الاجتماع، تم تقديم شرح عن مشاريع صندوق تمكين القدس وفيديو عن التقرير السنوي للصندوق وأهدافه التي ترمي إلى تحقيق التنمية في القطاعات المختلفة في مدينة القدس، بما يحافظ على الهوية الوطنية والصمود الفلسطيني في القدس.

ويعتبر صندوق تمكين القدس صندوقا استئمانيا ووقفيا يهدف الى تمكين الشعب الفلسطيني في مدينة القدس اقتصاديا واجتماعيا، وتعزيز المشاريع التنموية في المدينة، ويستثمر الصندوق المساهمات الوقفية وفق النظام المعمول به لدى البنك الإسلامي للتنمية ووفق المحددات التالية:

● استثمار الأموال وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

● مبدأ الوقف النقدي المؤقت 10 سنوات.

● يصرف ريع الأوقاف لمصلحة المشاريع الخيرية والتنموية في مدينة القدس، ويدخل الصندوق في المجالات التالية:

● التعليم الأساسي 20 بالمئة - التعليم العالي 10 بالمئة - التمكين الاقتصادي 10 بالمئة - التنمية المجتمعية 20 بالمئة - حماية العقارات 20 بالمئة - الإسكان 20 بالمئة.

بدوره، قال منيب المصري إنه عبر 7 سنوات من العمل، استطعنا كفالة تعليم مئات الطلبة وترميم مئات المنازل، ودعم عشرات المؤسسات الصحية، والثقافية، والتعليمية، وشراء ووقف العديد من العقارات، واليوم قررنا توحيد الجهود وتعزيزها من خلال البنك الإسلامي للتنمية الذي أكسب مشروعنا مصداقية أكبر وحماية أكبر، باعتباره منظمة مالية دولية. وأكد المصري أن القدس تعاني كل يوم والاحتلال يستهدف الحجر والشجر والبشر، ويسعى لتهجير الشعب الفلسطيني، وواجبنا المساهمة في تعزيز صمود المقدسيين على أرضهم، ومقترحنا هو أن تتبنى غرفة تجارة وصناعة الكويت حشد 10 ملايين دينار لدعم مشاريع خيرية وتنموية، وكذلك أن نطلق مبادرة مشتركة للاستثمار في بناء 1000 وحدة سكنية بمدينة القدس، بين رجال الأعمال الفلسطينيين والكويتيين والسعوديين والأردنيين بشكل أوّلي، على أن يكون استثمارا وطنيا يهدف إلى تعزيز صمود المقدسيين وثباتهم، وأرجو أن يتم تشكيل لجنة مستركة لمتابعة هذا البرنامج.

وذكر أن المبادرة تستهدف أن يكون كل مسلم قادرا على أن يسهم من خلال صندوق تمكين القدس من خلال التبرع الوقفي المسترد بعد 10 سنوات أو من خلال المنح أو من خلال الاستثمار، والاستثمار في القدس استثمار مبارك في الدنيا والآخرة.

وأضاف: السلام على الكويت أميرا وحكومة وشعبا، السلام على مواقف الكويت الوطنية العروبية الأصيلة المشرفة، السلام على عطاء الكويت الذي لا ينضب، والسلام على روح أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، الذي كان داعما لصندوق ووقفية القدس، وشرّفنا برعايته لاجتماعات مجلس الأمناء عام 2018. والسلام للكويت من فلسطين العروبة، السلام للكويت من القدس بمسجدها الأقصى المبارك، السلام للكويت ممزوجا بكل معاني الحب والتقدير والشكر من كل فلسطيني ولكل أبناء الشعب الكويتي الذين أثبتوا أنهم خير داعمين ومساندين للقدس وأهلها. وأردف: جئنا بمعيّة سمو الأمير تركي الفيصل، حفظه الله، وبرفقة المديرة العامة لصندوق التضامن الإسلامي للتنمية د. هبة الأحمد، ورئيس جامعة القدس د. عماد أبو كشك، وأمين سر صندوق ووقفية القدس، وولدي عمر الذي أحمّله أمانة القدس من بعدي، لنقول لكم: واقدساه، لنقول لأبناء الكويت: واقدساه، وكلنا ثقة بأن أهل الكويت خير من يلبّي النداء.

وثيقة وقفية القدس

استعرض عضو وفد وقفية القدس، طاهر الديسي، وثيقة تأسيس وقف الشيخ صباح الأحمد التعليمي في القدس الشريف، والتي جاء فيها:

«الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول العالمين محمد، صلى الله عليه وسلم، وسلاما طيبا على أمير الإنسانية، أمير دولة الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد، الذي نهج منهج رسول العالمين، فكان مدرسة في العطاء والبذل، وسطر صفحات ناصعة من الدعم المتوصل لمشاريع إنسانية في كثير من البلدان، فسمّي قائدا للعمل الإنساني، تقديرا من الأمم المتحدة لدوره في الوقوف الى جانب شعوب العالم، ومحاولة لتخفيف معاناتهم من خلال مبادراته الإنسانية.

كما كان دور الشيخ صباح الأحمد ثابتا في دعم فلسطين وشعبها، إذ لم يدخر جهدا في يوم من الأيام إلا وقد رفع صوته عاليا من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ونصر قضيته العادلة، وسار على نهجه الكويتيون قادة وشعبا من بعده على ذات الدرب والمسيرة.

ومن باب الوفاء لأهل الوفاء وردّ الجميل لصاحب المواقف المشرفة وما صنعت يداه على مدار سنين عمره الحافلة بالخير والإنسانية، ونظرا للأدلة الشرعية بمشروعية الوقف وما حثّ عليه الإسلام في هذا الجانب، فقد حررت هذه الوثيقة قُربة لله تعالى، وشكرا وعرفانا واعترافا بمكانة وحضور دولة الكويت وأميرها الراحل في قلوب الفلسطينيين جميعا، لنعلمكم في يوم الاثنين 22 أغسطس 2022 بتأسيس وقف الشيخ صباح الأحمد في مدينة القدس بالقرب من المسجد الأقصى المبارك، بتبرّع من مؤسسة التعاون وصندوق ووقفية القدس، ليكون صدقة جارية لروحه الطاهرة، وهدية مقدمة من الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وشرائحه، وليكون منبرا ولؤلؤة من اللآلئ التي تحمل اسم الكويت على أرض فلسطين المباركة، وجسر خير يربط دولة فلسطين بدولة الكويت، ويعزز أواصر الأخوة والمحبة بين الشعبين».

سند الشمري