غداة محاصرة أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقر المجلس الأعلى للقضاء العراقي فترة وجيزة من أجل الضغط عليه لاستصدار قرار بحل البرلمان والتمهيد لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة تفتح المجال لإحداث تعديلات بالنظام السياسي الذي أُرسي خلال فترة الاحتلال الأميركي، هدد وزيره صالح محمد العراقي، أمس، بـ«اتخاذ الثوار خطوة مفاجئة أخرى إذا ما قرّر الشعب الاستمرار بالثورة».

وكتب العراقي، عبر «تويتر»، «أكثر ما أزعج خصوم التيار هو المطالبة بتنحّي رئيس مجلس القضاء فائق زيدان الداعم الأكبر للإطار التنسيقي».

Ad

وأضاف أن «الإطار يعتبر القضاء الحامي الوحيد، واستمرار الاعتصام يعني أنهم لن يستطيعوا تشكيل حكومة» في إشارة إلى اعتصام أنصار التيار المتواصل بمقر البرلمان منذ 30 يوليو الماضي، مشيراً إلى أن «سقوط النظام الحالي لا يحلو للبعض وعلى رأسهم السفارة الأميركية». ورأى أن «الأغلبية مجمعة على أن الفساد ضرب المؤسسة القضائية ومنذ 20 عاماً»، مبيّناً أنه يتوقع أن القضاء سيحاول كشف بعض ملفات الفسـاد «تجنباً لاعتصام آخر».

وتابع وزير الصدر، أن «أبواق السلطة تعالت ضد الثورة حين اعتصمنا أمام مجلس القضاء خشية كشف ملفات فسادهم»، معتبراً أن «تعليق عمل القضاء والمحاكم» الذي اتخذه المجلس الأعلى رداً على نصب خيام الاعتصام لعدة ساعات بمحيط مقره في المنطقة الخضراء وسط بغداد، لم يكن دستورياً. واتهم «وزير الصدر» القضاء بأنه «يحاول إبعاد الشبهات عنه بطريقة غير قانونية».

انتهاء الاعتصام

وعقب فض اعتصام أنصار الصدر بمحيط المجلس الأعلى للقضاء أعلن الأخير استئناف عمل المحاكم في عموم المحافظات. وقال المجلس، إنه قادر على التصدي لأي قضية ضمن القوانين النافذة. ونفى المجلس تقديم شكوى دولية ضد اعتصام أنصار الصدر بمحيطه.

وأعلنت السلطات التنفيذية رفع حالة الطوارئ الأمنية التي فرضتها في بغداد، أمس الأول، مع تزايد المخاوف من وقوع صدامات مسلحة بين أنصار الصدر وخصومه بـ «الإطار التنسيقي» الذين اتهموا التيار بمحاولة فرض إرادته السياسية، وأكدوا أنهم لن يسعوا للتفاوض معه مجدداً قبل إنهاء ما وصفوه بـ «احتلال المؤسسات».

من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء المؤقت مصطفى الكاظمي، إن القوى الأمنية والعسكرية لن تنجر إلى الصراعات السياسية، ولن تكون طرفاً فيها، وسيبقى واجبها دوماً حماية البلد ومقدراته، وقدسية الدم العراقي.

وأكد الكاظمي، وفق بيان صادر عن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، منع إصدار المؤسسات الأمنية والعسكرية أي بيان ذي طابع سياسي أو يمثل تجاوزاً وإيحاء بعدم التزام أي مؤسسة بالسياق العسكري والأمني المعمول به.

اجتماع جديد

في غضون ذلك، تعتزم القوى السياسية عقد اجتماع ثانٍ لها اليوم برعاية الكاظمي، وسط محاولات لإقناع التيار الصدري، بالمشاركة فيه بعد مقاطعته الاجتماع الأول الذي عقد الأربعاء قبل الماضي، والذي لم يفض إلى أي حلول ونتائج لحلّ الأزمة السياسية الممتدة منذ 11 شهراً بسبب فشل «التيار» و«الإطار» في التوصل إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.

ويعوّل الكاظمي على الاجتماع لإقناع القوى المشاركة بالعدول عن خطوات تحشيد الشارع بالتظاهرات والتظاهرات المضادة، لتفادي اندلاع الصدام ما بين جمهور «الإطار» و«التيار» خلال المرحلة المقبلة.

وأوضح مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء أن الاجتماع اليوم سيكمل اجتماع الأسبوع الماضي، الذي اشترط التيار الصدري أن يكون علنياً كي يحضره. وأكد المصدر، أن الجميع يدرك أن أي حوار لا يحضره التيار الصدري «لن يأتي بأي نتائج أو حلول، إذ إن التيار هو جزء أساسي ومهم من الأزمة السياسية، ولذا يجب أن يكون له مشاركة بأي حوار وتفاوض».

وتحدثت أوساط عن رسائل وصلت من بعض أطراف «الإطار التنسيقي»، تؤكد على مقاطعة قوى التكتل الذي يضم فصائل وأحزاب متحالفة مع إيران، اجتماع اليوم وعدم المشاركة لاتهام الكاظمي بأنه «جزء من المشكلة والأزمة»، وهو ما قد يدفع رئيس الوزراء إلى تأجيل الاجتماع بسبب عدم مشاركة «التيار» و«الإطار».

وأفاد مصدر سياسي مطلع، بانعقاد اجتماع للرئاسات الثلاث، رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بحضور ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت لبحث التطورات السياسية و«الترتيب لاجتماع الحوار بين الأطراف السياسية».

وفي وقت سابق، بحث الرئيس العراقي مع السفيرة الأميركية لدى العراق آلينا رومانوسكي ملفات عديدة أبرزها التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف.

وذكر مكتب صالح أن لقاء الأخير مع السفيرة الأميركية بقصر السلام ب‍بغداد أكد على «التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وتخفيف التوترات في المنطقة عبر الحوار، ومواجهة التقلبات الاقتصادية وحماية البيئة والتكيّف مع تغيرات المناخ التي باتت أزمة وجودية، حيث يعتبر العراق والمنطقة من أكثر البلدان تأثراً بأزمة المناخ». من جانبها أكدت رومانوسكي، تطلّع الولايات المتحدة إلى «دعم عراق آمن ومستقر بدوره المحوري المهم في المنطقة».