منذ أكثر من 3 عقود، اعتاد التونسي حمادي الشاوش أن يحمل معوله ومعداته لتلبية طلب أحد الأهالي في حفر «ماجل» داخل بيته، أو صيانته من الشوائب التي تفسد مياهه العذبة.وقال موقع سبوتنيك، أمس الأول، إن «الماجل» منشأة عريقة تُستخدم لتخزين مياه الأمطار داخل البيوت من أجل استغلالها منزلياً، وبعضها صالح للشرب، وهو شبيه بالبئر، باستثناء أن عمقه لا يتجاوز 5 أمتار ومياهه ليست جوفية، فهي متأتية من مياه الأمطار التي يتم تجميعها من أسطح المنازل.
وعبر الزمان، كان «الماجل» من أبرز طرق تخزين مياه الأمطار انتشاراً في تونس، إذ بالكاد كان يخلو منزل من هذه المنشأة التي يتفنن أهل البيت في تزويقها بالخزف ومواد البناء المزينة.ومع تغيُّر نمط الحياة وأساليب المعمار الذي اتخذ شكل البنايات ذات الطوابق، بدأت «المواجل» في الاختفاء تدريجياً من المنازل التونسية، حتى إن عددها بات يُحصى على أصابع اليد في بعض المحافظات.حمادي (47 سنة)، من بين العشرات القلائل الذين ما زالوا يمتهنون هذه المهنة، التي باتت تصارع من أجل البقاء، نتيجة تراجع الأهالي عن حفر المواجل في منازلهم. يقول لـ «سبوتنيك»: «لم تبق العادات على حالها، فقليلون هم الذين يطلبون اليوم حفر (ماجل) في منزلهم».ويؤكد حمادي أنه «بات يحفر (المواجل) للناس أخذاً بالخاطر، وليس كمهنة، وأنه قليلاً ما يتلقى مقابلاً مادياً على ذلك». ويرى الباحث في الإشكاليات المائية بالمرصد التونسي للمياه، رامي بن علي، في حديث لـ «سبوتنيك»، أن «الماجل قادر على المساهمة في التقليص من حدة أزمة المياه في تونس وتعبئة الموارد المائية والمحافظة عليها على المستوى المحلي».وأضاف: «يوفر الماجل عند بنائه بطريقة مدروسة ومُحكمة كميات من المياه تعادل استهلاك الفرد على مدار 6 أشهر، علماً أن التونسي يستهلك معدل 100 لتر من الماء في اليوم».
أخر كلام
«الماجل»... في طريقه إلى النسيان
25-08-2022