في أجواء من الضغط الشديد بعد 6 أشهر على بدء الحرب، وبينما يستعد الأوكرانيون لحرب طويلة وشتاء قاس بسبب نقص الطاقة، تعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطاب يوم الاستقلال، أمس، بأن تواجه بلاده «الغزو الروسي حتى النهاية، وألا تقدم أي تنازل أو تسوية».

وفي خطاب مؤثر للشعب بمناسبة مرور 31 عاماً على استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي، قال زيلينسكي: «لا يهمنا الجيش الذي تملكونه، لا تهمنا إلا أرضنا. سنقاتل من أجلها حتى النهاية»، مضيفاً: «صمدنا بقوة على مدى 6 أشهر. كان الأمر صعباً لكننا حافظنا على عزمنا، ونقاتل من أجل مصيرنا».

Ad

وأكد أن «كل يوم جديد يعطينا سبباً لعدم الاستسلام، وبعد رحلة طويلة كهذه، ألا يحق لنا ألا نستمر حتى النهاية. لن نحاول التوصل إلى تفاهم مع إرهابيين، وبالنسبة لنا، أوكرانيا تعني أوكرانيا كاملة بجميع مناطقها الــ 25 دون أي تنازل أو مساومة»، متابعاً: «ظهرت أمة جديدة في العالم يوم 24 فبراير الساعة الرابعة صباحاً. لم تولد بل ولدت من جديد. أمة لم تبك أو تصرخ أو تخف. أمة لم تهرب. لم تستلم، ولم تنس».

وبدا على زيلينسكي (44 عاماً) الإنهاك وهو يلقي الخطاب أمام النصب التذكاري الشاهق وسط كييف، الذي تم تشييده إحياء لذكرى الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي، الذي كانت تهيمن عليه روسيا وانهار عام 1991، وشدد على موقف أوكرانيا الثابت في الحرب، والذي يعارض أي تسوية من شأنها السماح لموسكو بتحقيق مكاسب إقليمية، بما يشمل أجزاء من جنوب وشرق أوكرانيا استولت عليها روسيا خلال الأشهر الستة الماضية.

وأردف: «لن نجلس على طاولة المفاوضات بدافع الخوف، والبنادق موجهة صوب رؤوسنا. بالنسبة لنا، فإن أفظع أنواع الحديد ليس الصواريخ والطائرات والدبابات، بل الأغلال. ليست الخنادق، بل القيود»، وتعهد بأن تستعيد أوكرانيا الأراضي التي خسرتها في منطقة دونباس الصناعية بالشرق، وكذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014. وقال: «ما هي نهاية الحرب بالنسبة لنا؟ كنا نقول السلام الآن نقول النصر».

في غضون ذلك، وصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، إلى كييف في زيارة مفاجئة.

وقال جونسون للصحافيين «لدى الأوكرانيين إرادة قوية للمقاومة. وهذا ما فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فهمه»، مضيفاً «تدافعون عن حقكم في العيش بسلام بحرية ولهذا السبب ستنتصر أوكرانيا»، معلناً عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، مشيراً إلى أنه «على العالم أن يكثف إمدادات الأسلحة لأوكرانيا وخسائر روسيا هائلة».

مساعدة أميركية

وفي هذا التاريخ الرمزي، تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن بتقديم مساعدات جديدة لأوكرانيا بقيمة تقارب 3 مليارات دولار، ووصف البيت الأبيض المساعدات الجديدة بأنها «أكبر حزمة من المساعدات الأمنية حتى الآن، ستتيح لأوكرانيا الحصول على أنظمة دفاع جوي، وأنظمة مدفعية وذخائر، وأنظمة جوية مضادة للطائرات بدون طيار، ورادارات، لضمان استمرار قدرتها على الدفاع عن نفسها على المدى البعيد».

وأمس الأول، أكد الأوروبيون دعمهم لمدينة كييف خلال قمة «منصة القرم» التي جمعت الحلفاء الرئيسيين لأوكرانيا، وكانت موجودة قبل غزو 24 فبراير.

وكررت ألمانيا، أمس، تأكيدات من هذا النوع، وقال المستشار أولاف شولتس، في رسالة فيديو بمناسبة العيد الوطني الأوكراني، «ألمانيا تقف بقوة مع أوكرانيا، وسنواصل تسليم الأسلحة وتدريب الجنود الأوكرانيين على معدات أوروبية متطورة».

واقع آخر

وبشأن التوتر حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية وسط أوكرانيا، تبادلت روسيا وأوكرانيا في اجتماع لمجلس الأمن، أمس الأول، الاتهامات بتعريضها للخطر، بينما دعت الأمانة العامة للأمم المتحدة الجانبين إلى وقف جميع الأنشطة العسكرية حول الموقع.

وانتقد السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا الغربيين الذين «يعيشون في واقع آخر يقصف فيه الجيش الروسي بنفسه الموقع الذي يحميه». ورد السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا: «لا أحد يستطيع أن يتخيل أن أوكرانيا ستستهدف محطة للطاقة النووية، ما يؤدي إلى خطر هائل بحدوث كارثة نووية على أراضيها».

وبحثت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على موقع محطة الطاقة النووية. وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، إن هذه الزيارة التي تهدف إلى «الحد من مخاطر وقوع حادث نووي خطير في أوروبا» يمكن أن تتم «في الأيام القليلة المقبلة إذا نجحت المفاوضات الحالية».

تباطؤ الهجوم

في غضون ذلك، أقر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس، بتباطؤ وتيرة الهجوم الروسي في أوكرانيا، وقال: «تباطؤ الهجوم قرار واع، كونه يرجع إلى الرغبة في تقليل الخسائر بصفوف المدنيين، إذ إننا نلتزم بصرامة بمعايير القانون الإنساني (في الهجوم)، ونُفذت الضربات بأسلحة عالية الدقة على البنية التحتية العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية، بما في ذلك مواقع القيادة، والمطارات، والمستودعات، والمناطق المحصنة، والمجمعات الصناعية العسكرية».

وأضاف شويغو: «في الوقت نفسه، يتم اتخاذ كل الإجراءات لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين، بالطبع هذا يبطئ وتيرة الهجوم، لكننا نفعل ذلك بوعي».

من ناحيته، أشاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ بالقوات المسلحة الأوكرانية، عبر رسالة مصورة وجهها في ذكرى استقلال أوكرانيا.

إلى ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي، في كلمة له أمام وزراء دفاع الدول الأعضاء في «منظمة شنغهاي للتعاون» الذي انعقد في طشقند، أمس، أن موسكو تعزّز قدرتها القتالية لقواعدها العسكرية في منطقة آسيا الوسطى، في طاجيكستان وقرغيزيا، تحسباً لاحتمال تفاقم الوضع في المنطقة جراء تطورات الوضع في أفغانستان، حيث تكثف منظمات إرهابية دولية مثل داعش والقاعدة نشاطها».