الشعر النبطي... ديوان البوادي
يعرف الشعر عند العرب بأنه ديوانهم الذي سجلوا فيه وقائعهم، ودونوا فيه أحداثهم، وخلدوا من خلاله أمجادهم ومناقبهم، وتحدثوا في أبياته عن أمورهم الاجتماعية والسياسية، وأنشطتهم المتنوعة. والمعروف أن الشعر النبطي هو نوع من الشعر العربي ينتشر بصورة كبيرة في البوادي العربية، لكن مسمياته تختلف من منطقة إلى أخرى، وكذلك تختلف معه طرق أدائه وأيضا لهجاته، لكن الشعر النبطي يبقى ديوان البوادي، كما يحلو لعدد من المؤرخين والأدباء تسميته. والسبب في تسميته بذلك الاصطلاح واضحة تماما، إذ إن هذا النوع من الشعر المحبب لسكان البوادي سجل أحداثهم ووقائعهم، ونقل تاريخهم وسيرهم، وخلد مناقبهم ومآثرهم وأمجادهم، وما زال حتى اليوم يدون ما يدور في مناطقهم، ويسرد قصصهم وحكاياتهم، ويعبر عن رؤاهم وتطلعاتهم وآمالهم. والشعر النبطي يقدم صورة متكاملة عن بيئة الشاعر، وربما عن القبيلة التي ينتمي إليها، وعن المنطقة التي يعيش فيها، وعن طبيعة الحياة فيها، وعما يحدث في محيطها الاجتماعي، بالإضافة إلى معيشة الناس وحياتهم، وآمالهم وآلامهم، وأفراحهم وأحزانهم، وأمورهم في السراء والضراء.
ومع تطور الأوضاع في بيئة الشاعر ومناطق سكنه، أصبح الشاعر النبطي يعبر عن وطنية ذلك الشاعر وهموم وطنه وأمته، والمشاعر الإنسانية التي تعتري أبناء الوطن، كما هي الحال مع الشعر الفصيح، وبذلك ظل قريبا من الناس يعشقون سماعه في الدواوين والمنتديات، وينتظرون قصائده من الشعراء في المناسبات المختلفة. وقد عرفت الكويت عبر تاريخها عددا كبيرا من شعراء النبط الذين اشتهروا في المنطقة بشعرهم الجميل وقصائدهم المتميزة، ونقلوا لنا عددا كبيرا من الأحداث التي شهدتها الكويت، وصورا من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي شهدتها البلاد عبر فترات زمنية مختلفة.