أولاً وأخيراً: جهود مشكورة... ولكن؟
يبذل وزير التجارة والصناعة وزير الشؤون الاجتماعية فهد الشريعان جهوداً حثيثة في سبيل تصويب مسار قطاع العمل التعاوني ووضعه على سكة التطوير الحقيقية وتحديث نظامه وعلاج مشاكل الترهل الإداري بما يواكب التطورات الحاصلة في هذا المجال، ويمكّن التعاونيات من تقديم أفضل الخدمات للمستهلكين وكذلك يعمل الوزير بقوة على مواجهة الفساد الذي تفشى في عدد من الجمعيات التعاونية، وأحيل على أثره عدد من المسؤولين إلى النيابة العامة بسبب تجاوزات مالية وإدارية تم رصدها من فرق المراقبة والتفتيش والإدارات المعنية، وتمثل جرائم عبث وإهدار لأموال المساهمين بدلاً من استغلالها في تقديم خدمات متطورة تلبي احتياجاتهم وتحقق تطلعاتهم.ولعل من الخطوات المهمة التي اتخذها الوزير الشريعان في هذا الملف ما يتعلق بضوابط تعيين مجالس الإدارات وتشكيله لجنة لتتبع مخالفات كارثية شهدها هذا القطاع خلال الفترة الماضية، منها ما يتعلق بالتعيينات القيادية في العديد من المنافذ والجمعيات وفروعها، والتي تسببت في جعل غالبية تلك المنافذ خارج نطاق المنافسة مقارنة بالأسواق الموازية سواء ما يتعلق بعمليات البيع أو المساهمة في خدمة المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، كما أن العديد من تلك المنافذ بات خارج نطاق الحوكمة التي يفترض أن تنظم أعمالها وتعيّن مسؤوليها، وبالتالي فإن التحدي الأساسي يتمثل باختيار قيادات قادرة على التطوير وتحقيق طموح المواطنين سواء في ما يتعلق بالإدارة أو التسويق والمشتريات أو التطوير وغيرها.أيضاً أصدر الوزير الشريعان قراراً ينظّم العمل في الجمعيات التعاونية، بحيث تتبع كل جمعية سياسة التعيين الرشيدة ويقتصر التعيين على الحدود اللازمة لأداء الجمعية وحسن سيرها ووفقاً لاحتياجاتها الفعلية، وهذا قرار جيد، لكن الوزير لم يتطرق إلى قرار تكويت وظائف التعاونيات الذي صدر في 2014، وتحدث المسؤولون وقتها عن 4 إلى 5 سنوات لإحلال جميع الوظائف الإشرافية في التعاونيات بكوادر وطنية، وهذا لم يتحقق ولم يصل التكويت في التعاونيات إلى نسبة 50 في المئة بسبب بعض العراقيل، منها إحجام الكويتيين عن العمل في هذا القطاع لعدم وجود حوافز تشجعهم على ذلك، وأن أغلب التعاونيات غير متعاونة بمجال تعيين الكويتيين وغير ملتزمة بتوظيفهم.
إن الجمعيات التعاونية في الكويت أثبتت منذ تأسيسها جدواها ودعمها المستمر للتنمية الاجتماعية وخدمة مختلف المناطق وساكنيها، وبالتالي نحن لا نريد هدم التعاونيات أو الإطاحة بها، إنما إصلاحها والقضاء على الفساد المتفشي فيها، فإذا كانت مبيعات التعاونيات تتجاوز سنوياً مليار دينار وبعض الجمعيات يسجل أكثر من 20 مليون دينار مما يجعلها بحاجة لضوابط تحدد مسار تلك المبالغ ومصيرها وآليات التعامل والاستثمار بأجزاء منها بعيداً عن أي عشوائية كما يجب معالجة الخلل في إدارة بعض التعاونيات من خلال تغييرات وتطويرات على أكثر من مستوى، خصوصاً في ما يتعلق باختيار كوادر إدارية تمتلك خبرات قادرة على التخطيط وتحقيق الإنجازات وإبعاد الذين لا يمتون للأسواق والتسويق والتطوير بصلة، وضخ دماء جديدة طموحة قادرة على إدارة هذه التعاونيات وتحقيق الأهداف المنتظرة منها.