مواجهة الصدر والقضاء تشتد ومخاوف من حرب بالوكالة
● وزير التيار: «الإطار» يريد تشكيل حكومة لإكمال بيع ما بقي من العراق... والقضاء أهمل الفساد خوفاً وطمعاً
● إرجاء اجتماع الكاظمي والقوى السياسية لأجل غير مسمى وقنوات الحوار بين القطبين الشيعيين مغلقة
اشتدت المواجهة بين التيار الصدري والسلطة القضائية، التي اتهمها الأول بإهمال التعامل مع ملفات الفساد قبل 5 أيام من بتّ المحكمة الاتحادية دعوى حل البرلمان، في حين حذّر تقرير أميركي من احتمال اندلاع حرب بالوكالة في العراق، في حال نشوب صراع مسلح بين التيار وخصومه بـ «الإطار التنسيقي» المتحالف مع إيران.
قبل 5 أيام من بتّ المحكمة الاتحادية دعوى تطالب بحلّ مجلس النواب الخاضع لهيمنة خصومه بـ «الإطار التنسيقي» الشيعي الذي يضم فصائل متحالفة مع إيران، شدد صالح محمد العراقي، الملقب بوزير زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر، أمس، هجومه على السلطة القضائية، مؤكداً أنها «أهملت الفساد خوفاً وطمعاً».وقال وزير الصدر، إن «القضاء تغافل عن الأدلة والتسريبات الصوتية والفيديوية، واعتقل صبياً لسرقته مناديل ورقية»، متسائلاً: «ماذا يُرتجى من قانون يطبّق على الصغار والفقراء، ولا يطبق على الفاسدين والتبعيين والمليشياويين؟».وتابع أن «الأحزاب لا يهمها إلا تقوية نفوذها على حساب الوطن، وتعمل على إذكاء الطائفية»، مضيفاً «تلك هي السلطة، فكيف تريدون أن يحترمها الشعب؟».
كما تساءل: «أين هيبة الدولة التي هتكها الفساد والإجرام والمخدرات والسلاح المنفلت والوباء والتدخل الخارجي، وغير ذلك؟».واعتبر وزير مقتدى الصدر، في الوقت ذاته، أنّ محاولات خصوم التيار في «الإطار» تشكيل الحكومة «هي مسعى لبيع ما تبقى من العراق ونهب ما تبقى من ثرواته وخيراته، ولكي يخضعوا من لم يخضع لهم إلى الآن».ورأى أن «البرلمان لم يستطع القيام بمهامه، وأن نوابه بين متحزب لا يريد إلا مصلحة حزبه أو طائفته، وبين مستقل يكاد يكون مستغَلاً، ورئيس وزراء يصفونه بتصريف الأعمال، كثر ضده التهديد والوعيد بلا موازنة يستطيع معها القيام بمهامه، ورئيس جمهورية مسلوب الصلاحيات».وجاء أحدث هجوم لوزير الصدر على القضاء، بعد يومين من اعتصام أنصار التيار لساعات معدودة أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء، وتلويحه بخطوات مفاجئة واعتصام طويل يشلّ السلطة القضائية التي يرى أنها أيدت «الإطار» بإحباط تشكيل كتلته البرلمانية «حكومة أغلبية وطنية».
ملاحقة قضائية
في المقابل، شددت السلطات القضائية ملاحقتها لأنصار وقيادات في التيار الصدري، بتهمة «التحريض على القضاء»، مما تسبب في موجة تظاهرات لأنصار التيار، أمس الأول، في محافظة ميسان جنوباً، للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.وكانت محكمة الكرخ العامة في بغداد، قد أصدرت، الثلاثاء الماضي، مذكرات إلقاء قبض بالتوالي، على النائب المستقيل من البرلمان عن الكتلة الصدرية، غايب العميري، والقياديين في «التيار» صباح الساعدي ومحمد الساعدي، بتهمة تهديد القضاء، وفقاً لبيانات رسمية صدرت عن المحكمة، بينما اعتقل، أمس، 8 من أنصار التيار في محافظة ميسان.فشل الكاظمي
في هذه الأثناء، أفادت تقارير بتأجيل اجتماع جديد دعا له رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مع الكتل السياسية الذي كان مقرراً أمس، لبحث التطورات الأخيرة في البلاد، في حين أكد مصدر بـ «الإطار» أن كل قنوات الحوار مع الصدريين مغلقة. وأشار مصدر مطلع إلى أن الكاظمي قرر تأجيل اجتماع القوى السياسية الثاني، إلى اشعار آخر، بعدما رفض الحزب الديموقراطي الكردستاني و»تحالف السيادة» السنّي، المشاركة «إلا في حضور ممثل عن التيار الصدري في الاجتماع».كما أرجع سبب التأجيل كذلك إلى «رفض قوى في الإطار التنسيقي المشاركة في الاجتماع، الذي يرعاه رئيس الوزراء، لاتهامهم إياه بالوقوف وراء الأزمة الحالية، مما دفع الكاظمي إلى تأجيل الاجتماع إلى اشعار آخر، دون تحديد أي موعد بديل عنه».من جهته، أوضح القيادي بـ «الإطار» عائد الهلالي أن التكتل الشيعي الواسع «حاول أكثر من مرة الجلوس والحوار مع التيار الصدري، لكن ذلك قوبل بالرفض تارة أو بإملاء شروط تعجيزية من قبل التيار تارة أخرى»، نافياً وجود «قنوات حوار بين الطرفين، خاصة بعد الأحداث التي وقعت أمام مجلس القضاء الأعلى».في موازاة ذلك، دعا رئيس «ائتلاف النصر»، حيدر العبادي، إلى «ضرورة التهدئة والحوار والاتفاق على خريطة طريق مقبولة وشرعية، لإنهاء الأزمة على أساس من اعتبار المرحلة الراهنة مرحلة تؤسس لمرحلة دستورية جديدة، تعتمد الإصلاح والتغيير بجسد النظام وأداء مؤسساته، لضمان صلاح وفاعلية النظام بقيادة الدولة وخدمة الناس، وتهيئ لانتخابات عادلة جديدة بمشاركة واسعة كي تعبّر عن إرادة المواطنين».صراع بالوكالة
ووسط انسداد أفق التوصل إلى حل للأزمة المحتدمة بين القطبين الشيعيين بشأن تشكيل حكومة جديدة أو الدعوة إلى انتخابات جديدة، رسم موقع «اكسيوس» مشهداً سوداوياً للوضع في العراق، محذراً من أن اندلاع قتال مسلح في الشوارع، قد يؤدي إلى اشتعال «حرب إقليمية بالوكالة» تنخرط فيها الدول المجاورة.ولفت الموقع الأميركي إلى أهمية مراقبة ما إذا كان إجراء انتخابات مبكرة يشكل وسيلة من أجل إنهاء الأزمة السياسية العميقة والأطول بتاريخ العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003، مشيراً إلى أنه من غير الواضح كيف يمكن تحقيق هذا الخيار.على صعيد منفصل، سقطت عدة صواريخ على قاعدة زيلكان التي تتخذها القوات التركية مقرا لها بمحافظة نينوى شمالي العراق، دون تسجيل خسائر تُذكر.