نحتاج إلى الفخر
الشباب الكويتيون طاقة جبارة متدفقة العطاء فهم أحفاد بناة الكويت، وهم بحاجة للثقة والدعم مع المحاسبة والتشجيع، لا أريد أن أبالغ بالتفاؤل، لكني أتمنى أن تلتفت الحكومة لأبنائها المخلصين الأوفياء واستعادة الكويت لمركزها الخاص وأهميتها الخليجية والدولية، فأهل الكويت بحاجة للفخر ببلدهم.
وصلتني عبر رسائل «الواتساب» مقالة للكاتب الأردني عبدالهادي المجالي بعنوان (الكويت)، وقد نشرت في جريدة «الرأي» الأردنية بتاريخ 20/ 5/ 2021م، يعدد الكاتب خلالها المواقف الكويتية التي تنطق بعروبة الدولة والشعب، ويصف الكويت بالضمير العربي، وأن الكويتي وحدة القياس في النبل والضمير القومي. مقالة صادقة جميلة المعاني أسعدتني قراءتها، ولكن أشعرتني أيضا بالحسرة والغصة، وبالذات بعد قراءتي فقرة «وهو لم يضيق على أحد ولم يقم بإقصاء أحد، وفتح أبواب بلاده للأقلام والقصائد والبنادق».أجل الكويت فتحت قلبها للجميع، ولم تضيق على أحد، لكنها ضيقت على أبنائها المخلصين، فسنوات الفساد التي طالت قد أثرت وبشكل مباشر على هواء وتراب وثروة البلد وحاضره ومستقبله، وانعكس ذلك على نفوس أهل البلد، فتغيرت الطبيعة الكويتية وأصبحت المصلحة المعيار الأساسي للحياة.
أذناب الفساد تمركزوا في كل الدوائر الحكومية وبدعم من نواب الأمة تكاثروا كخلايا السرطان، وبالصوت العالي تحولوا إلى أبطال من ورق، وهكذا تحكموا فضاعت الحقوق وتخلخل العدل وتعمق الفساد أكثر، وبدأنا نسمع همهمات التذمر من الجيل الشاب، وتحولت مع الوقت إلى استهجان علني وتفكير بالهجرة، ومنهم من هاجر بالفعل، وبرزت الشللية بوضوح، فإن لم تكن معي فأنت عدوي، وهكذا تم استبعاد الكفاءات أو تجميدهم مع التلويح باستبدالهم بالوافدين، وهذا ما حدث، وهذه التغيرات جعلت الشباب أمام محك غريب، محك لا يعتمد على التخصص أو الكفاءة أو سنوات الخبرة إنما على الولاء فقط للقبيلة أو الطائفة أو للمدير أو الرئيس وحتى الولاء للشخصية السياسية اللامعة. منطق المصلحة الشخصية جر العديد من الأشخاص إلى مستنقع النفاق، فكالوا المدح وتفننوا في مسح الجوخ لكل من يحقق لهم مصالحهم، وبعد أن استحلوا طعم النجاح المزيف لم تعد للكويت أهمية في نظرهم، فالكعكة كبيرة وجاهزة للأكل، وما عليهم سوى قضم أكثر من قطعة. والولاء للأسف لم يعد للوطن إنما لمن يحقق لهم مصالحهم ويعينهم على كسب الدنانير، لم يعد الإخلاص في العمل مهماً إنما مجرد حضور وانصراف ولسان طويل لمن يمنعهم عن الغياب أو يحاسبهم على تعطيل مصالح الناس، ومع وجود الظهر الداعم لهم انقلبت الحقائق وزيفت لمصلحتهم. بمرور الوقت أصبح للمسؤول الحكومي أو للسياسي البارز فريق كبير يأتمر بأمره، ويجتهد لكسب وده، وتحولوا إلى أداة مسخرة لتمجيده عبر «تويتر» وغيره من منصات التواصل الاجتماعي، وقد يحركهم عن بعد للهجوم العنيف على معارضيه أو المنافسين له، وحتى الناصحين له مع توجيه ألفاظ السباب والشتم والتخوين أو الاستهزاء القذر. التغيرات في الشخصية الكويتية الشابة تحتاج من العهد الجديد الانتباه لها، فالإصلاح السياسي النشط سيؤثر قطعاً في حياة المجتمع، وإصلاح الخلل السابق ليس بالأمر الهين، الشباب الكويتيون طاقة جبارة متدفقة العطاء فهم أحفاد بناة الكويت، وهم بحاجة للثقة والدعم مع المحاسبة والتشجيع، لا أريد أن أبالغ بالتفاؤل، لكني أتمنى أن تلتفت الحكومة لأبنائها المخلصين الأوفياء واستعادة الكويت لمركزها الخاص وأهميتها الخليجية والدولية، فأهل الكويت بحاجة للفخر ببلدهم.