رسونا على بر الله يخليكم
يا ليت سمو رئيس الحكومة يقوم بزيارة لدولة الإمارات وإمارة دبي، زيارة رسمية أو غير رسمية، مفاجئة أو مُعدة مسبقاً، ويسأل الشيخين محمد بن زايد والشيخ محمد بن راشد: «شنو عندكم وما عندنا؟».«... الكويت فقدت سُمعتها كدولة حداثة نسبية. الإسلاميون يقفون حجر عثرة لأي تقدم اجتماعي، الخريجون يتم ضمانهم للعمل في الوظائف الحكومية التي لا تتطلب غير القليل من العمل... وغانم النجار يقول إن الحكومة هي مقبرة لكل المشروعات، وهديل بوقريص تشبه وضع الناس بأنه أضحى كحال البهائم المحجوزة في جاخور كبير، هم في مكان يتم تسمينهم وتخديرهم، وبالتالي فقدوا روح الجد والمثابرة...»، هذا ليس كلامي، وإنما نقلاً عن جريدة الإيكونومست بعددها الأخير، ترجمت فقرة منه.الجريدة الإنكليزية الاقتصادية تقارن الكويت اليوم بحالها قبل خمسين عاماً. تضع الحد الفاصل بين وضعها البائس كعجوز الخليج اليوم وحين كانت في ذلك الزمن الجميل درة الخليج... يا خسارة. صحيح أن لدينا ديموقراطية بأكثر من جيراننا الخليجيين، وهامش الحريات السياسية هنا أكثر منهم، لكن لا توجد مشاريع اقتصادية وتنموية وقوانين تفتح شهية المستثمر المحلي والأجنبي في البلاد، ويمكن أن تشكِّل مصدراً رديفاً للنفط.
كل شيء هنا يسد النفس، معظم مشروعات التنمية والتحديث تتخشب وتخنق في نزاعات أبدية بين مجالس نمى إلى علمي أن هناك تمثالاً في مجمع تجاري وهناك حفلة مختلطة تخالف ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وحكومات بواسطة وزرائها تتجاوب بسرعة مع هذه «التطلعات التنموية العظمى» لمشايخ الدولة، وترد بسرعة عليهم: «حاضرين، وما يصير خاطركم إلا طيب...» ويا سلام... من يدير هذه الدولة ومن يملي عليها تصوراته وثقافته المنغلقة... ومن أقام، بالتالي شرعية استمرار الدولة على هيمنة ثقافتهم وأحزابهم.دولة الإمارات قبل خمسين عاماً كانت صحراء لا يوجد بها غير القليل من المباني والمشروعات، انظروا الآن كيف أضحت، هي مركز عالمي للسياحة والخدمات الاستثمارية، لا بيروقراطية، ولا ممنوعات تخنق كل طموح استثماري أجنبي، السياحة والاستثمار في إمارة دبي يشكلان حوالي 80 في المئة من دخل الإمارة... في ديرتنا «صل على النبي» هي محطة بنزين كبيرة تبيع النفط وتوزع دخله على شعب «مو ناقصنا شي»... حتى المستثمر أو السائح الكويتي هرب للإمارات والسعودية والبحرين.آخر الكلام هو أننا لا نملك ديموقراطية صحيحة تضمن الحقوق والحريات المدنية، ولا عندنا نظام أوتوقراطي حازم يختصر السُّلطة بيده وحده، ويقوم بثورة من الأعلى، ويمكن أن يدفع البلد إلى مصاف التقدم والتنمية، ولو لمرحلة مؤقتة، وينقل الدولة من الحالة العشائرية، بكل أمراضها الاجتماعية، ليضعها في مصاف الدولة الحديثة، تجربة الانفراد بالسُّلطة في 76 و86 يصدق عليها المثل «يبي يكحلها عماها»، فقد راهنت السُّلطة ذلك الوقت على حصان القوى السياسية الدينية لتثبيت شرعيتها، وانتهت بعدها بأنها (الأخيرة) أضحت شوكة في بلعوم البلد... واليوم الكويت كالغراب الذي ذهب يقلد مشي اليمامة، فلم يتعلمها ونسي مشيته... رسونا على بر الله يخليكم.