أكد مصدر مطلع في وزارة الخارجية الإيرانية لـ «الجريدة» الأنباء التي تناولتها تقارير غربية عن تسلُّم طهران رسالة من الأميركيين تشير إلى عدم رغبتهم في تصعيد الاحتكاك العسكري معها في سورية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي رفض منح أي ضمانات بعدم التعرض للقوات الأميركية الموجودة في البلد العربي، والمنطقة.

وأوضح المصدر، أن فحوى رسالة إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن تشدد على أن الضربات الأخيرة التي شنتها القوات الأميركية ضد حلفاء طهران في سورية؛ جاءت رداً على قيام الميليشيات بعمليات عدائية تهدد أمن الأميركيين وسلامتهم.

Ad

ووفق المصدر، عرضت واشنطن وقف التصعيد مقابل ضمانات إيرانية بعدم التعرض للمصالح والمواطنين الأميركيين، إضافة إلى وضع «خط أحمر» للفصل بين تحركات طهران والفصائل المتحالفة معها في الخليج وسورية والعراق وأنشطة قوات القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم» بالمنطقة.

لكن الرد الإيراني جاء متصلباً وأشار إلى تصنيف القانون الإيراني لـ «سنتكوم» بأنها منظمة إرهابية لا يمكن التعاون معها، كما أكد مندوب الخارجية الإيرانية - الذي تسلم الرسالة الأميركية الشفاهية - للوسيط الأوروبي أن بلاده لا يمكنها وقف العمليات ضد القوات الأميركية لأنها تهاجم قوات غير إيرانية، معتبراً أن حماية الأميركيين تكمن في سحبهم من سورية والعراق، لأن الإبقاء عليهم سيعرضهم لهجمات من السوريين والعراقيين «رفضاً لاحتلالهم».

ويشير الرد الإيراني المتشدد على رسالة بايدن ورفض تقديم طهران تنازلات بشأن أنشطتها الإقليمية، إلى رهان إيران على رغبة واشنطن في التوصل إلى تفاهم معها، بهدف إحياء «الاتفاق النووي» وتجنب التصعيد، بحسب المصدر.

لكن طهران، الطامعة في جني المزيد من المكاسب الإقليمية عبر بوابة «الاتفاق النووي» الذي سيسهل وصولها إلى موارد مالية تصل إلى 100 مليار دولار، تجد نفسها في مأزق بعدما فشلت في تليين موقف زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر ضد خصومه في الإطار التنسيقي الشيعي المتحالف معها.

وأكد المصدر الإيراني لـ «الجريدة» أن الصدر رفض لقاء قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قآني للمرة الثالثة خلال شهر أغسطس الجاري، إذ إن الأخير طلب لقاء الصدر منذ شهر، لكن الأول تعلل بانشغاله ورفض اللقاء.

ثم عاد قائد فيلق القدس لطلب لقاء زعيم التيار العراقي بعد أسبوع لكن مكتب الأخير أبلغه بعدم وجود موعد متاح، ولاحقاً جدد قآني طلبه للمرة الثالثة منذ أسبوع، لكن الصدر رفض عقد اللقاء لأنه «مشغول بأجندة تتعلق بالصراع السياسي الداخلي في العراق».

وحسب المصدر، فإن السفير الإيراني الجديد محمد كاظم آل إسحاق طلب أيضاً لقاء الصدر خلال آخر شهر مرتين، وهو ما قوبل بالرفض أيضاً، مشيراً إلى أنه رغم التوترات الحالية مع التيار الصدري فإن خامنئي مصرّ على حل الخلافات والتعامل معه وعدم تصادم القوى الشيعية بعضها مع بعض.

ولفت إلى أن خامنئي أمر قآني وآل إسحاق بضرورة لقاء الصدر وحتى دعوته إلى إيران لمقابلته شخصياً، لكن الزعيم العراقي، الذي سبق وأكد أن «العراق هو مركز التشيع، وأن على الآخرين أن يتبعوه» يرفض عقد مثل هذا اللقاء.